الاستعمالات الكنائية ، باستعمال اللفظ في اللازم وإرادة الملزوم. فيكون مفاد الروايات : حرمة ارتكاب المشتبه ، ووجوب الاحتياط.

أو يقال ـ كما هو ظاهر عبارة الرّسائل ـ : ان الروايات انما دلّت على انّ كل شبهة هي مظنة لاقتحام الهلكة ، لا أنها تدل على انه في مورد احتمال الهلكة ـ بنحو التعليق على الموضوع المقدّر وجوده ـ يكون ارتكاب الشبهة اقتحاما في الهلكة. فمفادها : انّ ارتكاب كلّ شبهة مصداق للاقتحام في الهلكة.

وبما انّا نعلم : ان ثبوت الهلكة في المشتبه ـ مع عدم البيان ـ قبيح عقلا ، فلا محالة نستكشف من ذلك ـ بدلالة الاقتضاء ـ امرا شرعيا متعلقا بالاحتياط ، يكون مصححا للعقوبة المحتملة على تقدير وجودها. وإلا كان الاكتفاء في العقاب بالتكاليف الواقعية المشكوك فيها قبيحا عقلا.

وقد أجاب عنه شيخنا الأنصاري قدس‌سره : بان الأمر بالاحتياط المستكشف من الروايات المذكورة بالالتزام أو بالظهور العرفي ، لا يخلو حاله من ان يكون أمرا مقدميا أو يكون نفسيّا.

والأول ـ وهو الأمر المقدمي ـ لا يصحح العقوبة ، فانه أمر تبعي لأجل التحرز من العقاب ، فلا يكون هو مصححا للعقوبة ، فتكون العقوبة بلا مصحّح ، لأنه لا تصح العقوبة على أمر مجهول باعترافه.

وبعبارة أخرى الأمر المقدمي إمّا هو غير معقول ، لكونه مقدمة للتحرز من العقوبة ، فلا يمكن ان يكون مصححا للعقوبة أو أنه على تقدير المعقولية لا يكون بيانا مصححا للعقوبة.

والثاني خلف الفرض ، فان العقوبة في مخالفة الأمر النفسيّ مترتبة على مخالفته ، مع أن صريح هذه الروايات ترتب العقوبة على مخالفة الواقع (١).

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ـ ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱