هذا ، وقد اعترض عليه المحقق ، صاحب : « كفاية الأصول » قدس‌سره وغيره ممّن تبعه في ذلك : بعدم انحصار الأمر في هذين القسمين ، بل هناك قسم ثالث ، وهو الأمر الطريقيّ. وكأن شيخنا الأنصاري قدس‌سره ـ ويعتبر : المؤسس لهذا الاصطلاح ـ نسي ـ هنا ـ القسم المذكور ، فلذلك حصر الأوامر في القسمين (١).

أقول : الظاهر هو تمامية ما أفاده شيخنا العلامة الأنصاري قدس‌سره ، وأنّه قد تعرض لجميع أقسام الأوامر ، بلا إهمال لشيء من أقسامها. وذلك ، لأن مراده ـ قدس‌سره ـ من الأمر النفسيّ هو ما يعم الأمر الطريقيّ.

بيانه : ان أقسام الأمر ثلاثة : الأمر الغيري ، النفسيّ ، الطريقي.

أمّا الأمر الغيري ، فامّا أنّه غير معقول ، لأنّه انما يكون بعنوان المقدمية للتحرز عن العقوبة المحتملة ، فلا بد وأن يكون هناك مصحّح للعقوبة حتى يعقل الأمر المقدمي للتحرز عنها ، فلا يعقل ان يكون هو مصححا للعقوبة. أو أنه لا يجدي ، فانه على فرض التسليم بالمعقولية لا يجدي لتصحيح العقوبة ، نظرا إلى ان الأمر الغيري لا تستتبع مخالفة العقاب ، بل العقاب يكون على مخالفة الأمر النفسيّ.

وأمّا الأمر النفسيّ ، فهو انما يستوجب العقوبة على مخالفة نفسه ، بمعنى : ان الأمر بالاحتياط لو كان نفسيا لكانت العقوبة مترتبة على مخالفة الأمر المذكور بنفسه ، مع أن مفاد الروايات انما هي العقوبة على مخالفة الواقع نظرا إلى ان الهلكة المفروض فيها في مورد الشبهات ، انما هي على مخالفة الواقع ، لا على مخالفة الأمر بالاحتياط.

وأمّا الأمر الطريقي ، فلأن المصحح للعقوبة على مخالفة الواقع إذا كان

__________________

(١) الخراسانيّ المحقق الشيخ محمد كاظم كفاية الأصول ـ ٣٤٥ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱