ولكن الأمر ليس كذلك ، إذ الأثر يترتب حقيقة وواقعا على التعبد الاستصحابي فلا يلزم الا تحصيل الحاصل ـ لو كان ـ لا ما هو أردأ منه.
ولكن عرفت الإشكال في أصل المطلب. وان الحق صحة جريان استصحاب عدم الحجية بلا محذور في البين من تحصيل الحاصل أو اللغوية.
الجهة الثالثة : في انه لو التزم بعدم جريان استصحاب عدم الحجية ، فهل يصح جريان استصحاب بقائها لو تمت أركان الاستصحاب أو لا؟.
قد يتوهم : عدم صحة جريانه أيضا كاستصحاب العدم. ببيان : انه مع عدم القدرة على أحد النقيضين لا يكون الآخر مقدورا ، فمع عدم إمكان التعبد بعدم الحجية لا يمكن التعبد بالحجية أيضا.
وهذا الوهم غريب ، فانه واضح الفساد لوجهين :
الأول : ان الثابت هو ان عدم القدرة على أحد النقيضين يلازم عدم القدرة على الآخر ، ولازم ذلك انّ عدم القدرة على عدم شيء يلازم عدم القدرة على وجوده ، إذ يكون وجوده ضروريا أو ممتنعا ، لأن نسبة القدرة إلى الوجود والعدم على حد سواء. وهذا لا يرتبط بما نحن فيه ، إذ الممتنع انما هو التعبد بالعدم لا أصل نفي الحجية وعدمها واقعا ، وهو ـ أعني التعبد ـ امر وجودي وليس نقيضا للتعبد بالوجود كي يكون امتناعه مستلزما لعدم القدرة على الوجود ، بل هما امران وجوديان ، فمع عدم القدرة على أحدهما لا يلزم ان لا يقدر على الآخر (١).
الثاني : لو تنزلنا وسلمنا ان امتناع التعبد بعدم الحجية يستلزم امتناع التعبد بالحجية فلا يتم ما ذكر ، إذ ذلك يتم فيما لو كان التعبد ممتنعا تكوينا ، بحيث لا يكون الجاعل مسلوب الاختيار بالنسبة إليه ، وهو غير ما نحن فيه ،
__________________
[١] بل لو فرض انهما ضدان ، فهما من الضدين اللذين لهما ثالث ، إذ يمكنه ان لا يتعبد لا بالوجود ولا بالعدم. ( منه عفي عنه ).