ولكنّه تخيّل فاسد ، فانّه لو سلّمنا قياس الحجيّة ونحوها من الأحكام الوضعيّة على الحكم التكليفي في إمكان كونها فعليّة في ظرف الشّك ولم نقل بالتفكيك بينهما ـ لو سلمنا ذلك ـ فلا ينفع فيما ذكر ، إذ نفي الحجية تعبدا ولو في مرحلة الظاهر يلازم الوعد بعدم العقاب على المخالفة. فانه إذا قال المولى : « إنني لا يصح لي الاحتجاج بهذا الأمر » دل على الوعد أو ما يشبه الوعد بعدم العقاب على المخالفة. وعليه ، فقبح العقاب هاهنا يرجع إلى قبح خلف الوعد بالنسبة إلى الشارع الأقدس ولو لم نقل بقبح العقاب بلا بيان من باب الظلم. ولا يخفى ان هذا الحكم العقلي غير الحكم بقبح العقاب في مورد الشك ، لأن ذلك بملاك قاعدة قبح العقاب بلا بيان لأنه ظلم من المولى.
وعليه ، فالاستصحاب على جميع التقادير لا يستلزم تحصيل الحاصل.
نعم ، يبقى سؤال وهو : انه إذا فرض ترتب عدم المنجزية أو قبح العقاب على مجرد الشك. فأي داع عقلائي لإجراء الاستصحاب مع انه انما يترتب عليه نفس الحكم وان كان بملاك آخر يوجب التغاير ، إذ اختلاف الملاك لا يرفع اللغوية؟. ومحصل الإشكال : هو لغوية جريان الاستصحاب.
والجواب عنه : ان إجراء الاستصحاب موجب لارتفاع موضوع الأثر الثابت للشك بما هو ، فيكون الاستصحاب حاكما على الحكم العقلي الثابت في فرض الشك لارتفاع موضوعه به ، وحينئذ فيجري فيه الوجه الّذي يوجه به جريان الحاكم إذا كان متفقا مع الدليل المحكوم في الأثر. وهو امر يلتزم به في كثير من الموارد وليس فيه محذور.
ثم ان ما ذكره المحقق النائيني ( قده ) من : انه أردأ من تحصيل الحاصل. غير واضح الوجه ، فان الأردئية انما تتم لو كان ثبوت الأثر بالاستصحاب ثبوتا تعبديا ، إذ مع ثبوته حقيقة بمجرد الشك لا معنى للتعبد به.