تحقق الانبعاث والانزجار نقض للغرض من الحكم الأول ، ومثله لا يصدر من الحكيم. فجعل الحكم الظاهري مستلزم لنقض الغرض من الحكم الواقعي وهو تحقق الداعي للمكلف أو الزاجر أو غيرهما.
وقد تفصى عنه المحقق الأصفهاني : بان الحكم الظاهري إذا كان يتكفل تنجيز الواقع فهو مؤكد لداعوية الواقع وليس منافيا لها كي يستلزم نقض الغرض. وإذا كان يتكفل التعذير والمؤمنية من الواقع فهو لا ينافي الغرض من الواقع ، إذ الغرض من الحكم الواقعي ان كان هو تحقق الداعي الفعلي للمكلف ، كان جعل الحكم على خلافه نقضا للغرض.
ولكن الغرض ليس ذلك بل الغرض هو جعل ما يمكن ان يكون داعيا ، وإمكان الداعوية لا يتنافى مع جعل المؤمن عن الواقع على تقدير تحققه (١).
وهذا الوجه ممنوع ـ مع الغض عن منافاة ما تصوره فعلا من إمكان الداعوية في صورة الجهل وما مرّ منه من عدم إمكان الداعوية قبل الوصول ـ ، فانه قد يسلم عدم منافاة الحكم الظاهري لإمكان داعوية الواقع في ما إذا كان الحكم الظاهري ترخيصيا في صورة احتمال الإلزام ، إذ من الممكن الاحتياط الّذي يحكم العقل بحسنه.
اما فيما كان الحكم الظاهري إلزاميا على خلاف الحكم الواقعي الإلزامي ، بان كان الحكم الظاهري الوجوب والواقعي الحرمة ، فلا يتصور إمكان داعوية الحكم الواقعي في هذا الحال ، وكيف يتصور في مثل هذا الحال ان يكون الحكم الظاهري المستلزم للتنجيز مؤكدا لداعوية الواقع كما ذكر قدسسره؟!. فلاحظ وتدبر.
اذن فإشكال نقض الغرض في مثل هذه الصورة غير مندفع.
__________________
(١) الأصفهاني المحقق الشيخ محمد حسين. نهاية الدراية ٢ ـ ٤٦ ـ الطبعة الأولى.