فيتحصل لدينا : ان كلا الإيرادين لا دافع لهما.

وعليه : فلا طريق إلى التخلص منهما إلا الالتزام بان الحكم الواقعي إنشائي الّذي تصورنا سابقا ثبوته وبينا إمكانه خلافا لبعض الأعلام.

وبالالتزام بذلك لا يبقى مجال للإيرادين ، إذ الحكم الإنشائي لا يلزم ان ينشأ عن مصلحة في متعلقه كي يلزم الكسر والانكسار على ما تقدم ، كما ان الداعي فيه ليس هو جعل الداعي ، فلا نقض للغرض لو جعل الحكم على خلافه.

ولا محذور في الالتزام بذلك ، إذ لم يقم دليل على اشتراك الجاهل والعالم في الحكم الفعلي وان ادعاه المحقق النائيني (١).

ومع ذلك لا تصل النوبة إلى إشكال تضاد الحكمين ، إذ التضاد بين الأحكام لدى القائل به انما هو بين الأحكام الفعلية دون الإنشائية ، فان الإنشاء كما قيل خفيف المئونة.

ولو أردنا ان نغض النّظر عن الإيرادين السابقين ونلتزم بفعلية الحكم الواقعي ، يرد إشكال اجتماع الضدين ، فإشكال التضاد في طول الإشكالين الآخرين.

والتحقيق في التخلص عنه ان يقال : ان التضاد بين الأحكام اما من ناحية المبدأ ، وهو المصلحة والمفسدة والإرادة والكراهة. واما من ناحية المنتهى ، وهو مقام الداعوية والامتثال.

اما التضاد من ناحية المبدأ ، فيرتفع بما أفاده في الكفاية من كون الحكم الظاهري حكما طريقيا ناشئا عن مصلحة في نفسه ، فانه يتعدد موضوع المصلحة والمفسدة (٢).

__________________

(١) الكاظمي الشيخ محمد علي. فوائد الأصول ٣ ـ ١٠٣ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.

(٢) المحقق الشيخ محمد كاظم. كفاية الأصول ـ ٢٧٧ ـ طبعة مؤسسة آل البيت عليهم‌السلام.

۵۵۹۱