نعم. بالنحو الّذي مرّ في الكفاية ينحل بالالتزام بوجود المصلحة في التعبد بالأمارة ، لكن عرفت انه يوقعنا في محذور التصويب.
وهذا الإشكال لا يختص بمبنى معين في المجعول في الأمارات ، بل يعم جميع المباني ، إذ جميعها يشترك في الإلزام بالعمل بالأمارة وهو يستلزم التفويت مع عدم المصلحة والتصويب مع المصلحة. فلاحظ.
وقد تعرض المحقق العراقي إلى هذا الإشكال ودفعه بنحو مختصر جدا (١).
ثم انه قد مرّ من الشيخ والمحقق النائيني ( رحمهما الله ) ان هذا الإشكال مندفع في صورة انسداد باب العلم بالاحكام ، إذ ليس العمل بالأمارة هو سبب التفويت.
فقد يتخيل انحلال الإشكال والخلاص من المحذور في هذا الزمن لانسداد باب العلم ، فيكون الحديث السابق الطويل حديثا علميا لا عمليا.
ولكنه وهم محض. لما عرفت من عدم اختصاص الأحكام الظاهرية بموارد الأمارات القائمة على الأحكام بل يعم الأمارات والأصول الجارية في الشبهات الموضوعية ، أو الجارية في إحراز الامتثال ، كقاعدة الفراغ والتجاوز. وليس طريق العلم بالواقع منسدا في كثير من تلك الموارد.
نعم ، مثل اليد القائمة على الملكية قد يقال بانسداد باب العلم بالواقع في مواردها ، إذ العلم بالملكية الواقعية في أغلب الموارد ـ الا ما شذّ ـ ممتنع.
اذن فالإشكال بالنسبة إلى أزماننا ثابت لا خلاص منه.
واما الإيراد الثاني : فتقريبه : ان الداعي من جعل الحكم هو تحقق البعث والزجر أو غيرهما ، ومن الواضح ان جعل الحكم الآخر على خلافه المانع من
__________________
(١) البروجردي الشيخ محمد تقي. نهاية الأفكار ٣ ـ ٥٩ ـ طبعة مؤسسة النشر الإسلامي.