الثاني ـ إن مقتضى مولوية التقييد أن يكون أخذ القدرة في لسان الدليل على أساس دخلها في الملاك وأنها قدرة شرعية ، إذ لو كانت دخيلة في الخطاب فقط كان أخذها في لسان الدليل إرشاداً إلى ما هو ثابت بحكم العقل من المقيد اللبي.
ويرد عليه : أن المراد بالتقييد المولوي إن كان هو حصول التقييد بجعل من قبل المولى ، فهذا أمر محفوظ حتى في موارد عدم دخل القدرة في الملاك ، فإن تقييد الخطاب إنما هو من شئون المولى ، وتسمية القدرة عقلية ـ حينئذ ـ ليس بمعنى أن العقل هو المقيد ، بل بمعنى كونه هو الكاشف عن التقييد. وإن كان المراد بالتقييد المولوي التقييد الّذي يكون تحت سلطان المولى رفضه وتبديله إلى الإطلاق ، وهذا إنما يكون في تقييد الملاك بالقدرة لا تقييد الحكم. ففيه : أن المولوية بهذا المعنى لا يقتضيها ظهور الخطاب الصادر من المولى ، لأنها مئونة زائدة على كون التقييد عملاً صادراً من المولى.
الثالث ـ أن التقييد إن كان باعتبار دخل القدرة في الملاك كان تأسيساً وإلاّ كان تأكيداً لحكم ثابت في نفسه بمقتضى حكم العقل ، والأصل في الخطابات الشرعية أن تكون تأسيساً. وبعبارة أخرى : أن اشتراط القدرة في الخطاب ـ سواء كان من جهة حكم العقل بقبح خطاب العاجز ، أو من جهة اقتضاء الخطاب تقييد متعلقة بالمقدور ـ بعد أن كان أمراً واضحاً مركوزاً عند العرف وبمثابة المقيد اللبي المتصل بالخطاب ، كان تصدي المولى مع ذلك للتصريح به وإبرازه ظاهراً في أنه بصدد إفادة معنى زائد على ما هو منكشف في نفسه ، وليس ذلك المعنى إلاّ دخل قيد القدرة في الملاك ، وأنه من دونها لا مقتضي للحكم.
وهذه الاستفادة لا بأس بها فيما إذا لم تكن في البين نكتة أخرى لإبراز هذا القيد اللبي المستتر. غير أنه ينبغي أن يلتفت إلى أن هذا الوجه يتهافت مبنى مع