فيكون الترتب من الجانبين ، وإما أحدهما أهم فيكون الترتب من جانب واحد ، أو يقع بينهما تعارض؟ ذهبت مدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ إلى الثاني.
والصحيح ، وقوع التعارض بين إطلاق الخطابين لا بين أصلهما. أما عدم التعارض بين أصل الخطابين فلأن ثبوت كل منهما مشروطاً بعدم الاشتغال بالآخر لا محذور فيه بعد البناء على إمكان الترتب ، وأما وقوع التعارض بين إطلاقيهما فلأن المتفاهم عرفاً ثبوت الإطلاق في كل منهما لحال الاشتغال بالآخر فيكون معارضاً مع إطلاق الخطاب الآخر كما يشهد بذلك الوجدان العرفي.
والتخريج الفني لهذا الوجدان العرفي : أن ما ذكر في ما سبق للمنع عن التمسك بمثل هذا الإطلاق في أدلة الأحكام باعتباره تمسكاً بالعامّ في الشبهة المصداقية لمخصصه اللبي المتصل ، غير جار في المقام لأن خصوصية كون التضاد بينهما دائمياً بنفسها قرينة عرفية على أن المولى ينفي مانعية الاشتغال بالآخر عن الأمر بهذا ، وعليه فلا بد من تطبيق قواعد باب التعارض بين إطلاقي كل من الخطابين لحال الاشتغال بالآخر فإن ثبت ترجيح لأحدهما كان مطلقاً والآخر مشروطاً بعدم الإتيان به. وإلاّ فيتساقطان ويثبت بهما حكمان مشروطان بنحو الترتب من الطرفين لما قلناه من عدم التعارض بين أصل الخطابين فإن إطلاق كل منهما لحال ترك الاشتغال بالآخر لا معارض له ، كما هو واضح.
التنبيه الثاني ـ قد اتضح مما تقدم في تعريف التزاحم أنه يستبطن وجود جعلين مترتبين من جانب واحد أو من جانبين ، ولذلك قلنا أن خروج التزاحم من باب التعارض الحقيقي موقوف على القول بإمكان الترتب. والمقصود في هذا التنبيه الإشارة إلى الموارد التي لا يمكن فيها الترتب فلا يكون من باب التزاحم ، حيث استعرض المحقق النائيني ـ قده ـ عدة موارد ادعى فيها عدم معقولية الترتب ، فيكون خارجاً عن باب التزاحم. ولا بد قبل التعرض