حجية خبر الثقة في الفروع ، لأن هذه الرواية الخاصة بعد إثبات حجيتها بإطلاق الآية تصلح أن تكون قرينة على تخصيص إطلاق رواية ابن أبي يعفور فيكون رفع اليد عن إطلاقها بالقرينة ، بخلاف العكس. فيختص نفي حجية خبر الثقة بالخبر الوارد في أصول الدين ونحوها.
وإن شئت قلت ـ أن تمامية مقتضي الحجية لإطلاق رواية ابن أبي يعفور فرع عدم تخصيصها بما دل على حجية خبر الثقة في الفروع. وهو فرع عدم ثبوت حجيته بإطلاق آية النفر ، وما يكون فرع عدم شيء يستحيل أن يمنع عن ذلك الشيء ، وإلاّ لزم الدور.
هذا كله لو افترضنا أن رواية ابن أبي يعفور تنفي حجية خبر الثقة مطلقاً ، وأما على التفسير الآخر لها ، وكونها تنفي حجية ما ليس عليه شاهد من الكتاب خاصة ، فالأمر أوضح ، لأن الرواية المخصصة سوف تكون حجة على كل حال ، لأنها مما عليه شاهد من الكتاب المتمثل في إطلاق آية النفر.
الطائفة الثالثة ـ ما يكون مفاده نفي حجية ما يخالف الكتاب الكريم. من قبيل رواية السكوني عن أبي عبد الله ٧ قال : « قَالَ رَسُولُ اللهِ ٦ إنّ عَلى كُلّ حَقّ حَقِيقَةً وعَلى كُلّ صَواب نُوراً ، فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ فَخُذُوهُ وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ فَدَعُوهُ ». ورواية جميل ابن دراج عن أبي عبد الله ٧ أنه قال : « الوُقُوفُ عِندَ الشّبهَةِ خَيرُ مِنَ الاقتِحَامِ في الهَلَكَةِ ، إنّ عَلى كُلّ حَقّ حَقِيقَةً وَعَلى كُلّ صَواب نُوراً فَمَا وَافَقَ كِتَابَ اللهِ فَخُذُوهُ وَمَا خَالَفَ كِتَابَ اللهِ فَدَعُوهُ » (١) ..
والأولى وإن كانت غير نقية سنداً إلاّ أن الثانية صحيحة.
__________________
(١) وسائل الشيعة باب ـ ٩ ـ من أبواب صفات القاضي.