الوُرُودُ مِن أَحَدِ الجانِبَين
والورود من أحد الجانبين ينقسم إلى أقسام خمسة. فإن الحكم الّذي يتكفل الدليل الوارد إثباته تارة ، يكون رافعاً لموضوع الدليل الآخر بمجرد جعله ، وأخرى ، يكون رافعاً لموضوعه بفعليته ، وثالثة ، يكون رافعاً له بوصوله ، ورابعة ، يكون رافعاً له بتنجزه ، وخامسة ، يكون رافعاً له بامتثاله. فهذه أقسام خمسة ترد لها أمثلة وشواهد كثيرة في الفقه ، ولذلك يجدر توضيحها في هذا المقام.
الأول ـ أن يكون أحد الحكمين رافعاً لموضوع الحكم في الدليل الآخر بمجرد جعله. ومثاله : ما يذكر في باب الزكاة من عدم تعلق الزكاة بشيء واحد مرتين ، ويفسر ذلك بأنه لا يشرع دخول عين واحدة زكوية في نصابين في السنة الواحدة. فمثلاً : لو كان يملك عشرين ناقة لمدة ستة أشهر ، وهذا هو النصاب الرابع في الإبل ، فهنا حكم مجعول غير فعلي وإنما مقدر على فرض بقاء هذا النصاب إلى آخر السنة ، وهو وجوب دفع أربع شياة عليه. ثم لو فرضنا أن إبله زادت وأصبحت على رأس ستة أشهر أخرى خمساً وعشرين ناقة ، وهذا هو النصاب الخامس ، الّذي يثبت فيه خمس شياة ، فيقع التعارض ـ حينئذٍ ـ بين دليلي جعل الزكاة في هذين النصابين ، فإذا ضم إلى ذلك ما ذهبوا إليه في هذا المورد من أن وجوب الزكاة الثانية مشروط بعدم تقدم ما