وبهذا اتضح الوجه الفني لتصحيح الضد العبادي عند القائلين باستحالة الترتب فيما إذا كان التكليف الأهم مجهولاً بينما يحكم بالبطلان في موارد الاجتماع بناء على الامتناع ولو كانت الحرمة مجهولة ، رغم أن الموردين على أساس ذينك المبنيين يكون كلاهما من باب التعارض بين دليلي الحكمين ، حيث اتضح أن الخطاب لا بد أن يتقيد بناء على الامتناع بعدم النهي واقعاً وأما في باب التزاحم فيكفي تقييده بعدم تنجز الأهم ولو قيل باستحالة الترتب.
ومنه يعرف ما في كلام المحقق النائيني ـ قده ـ فإنه على القول بإمكان الترتب أيضا يكون الخطاب الترتبي مشروطاً بعدم تنجز الآخر لا بعصيانه الّذي هو تقييد زائد في دليله ، فإن الضرورات تقدر بقدرها دائماً ، وعدم تنجز الآخر شرط محرز لدى المكلف.
هذا ، مضافاً إلى أنه على القول بلزوم تقييد الأمر الترتبي بعصيان الآخر فلا موجب لفرض تقييده بعنوان العصيان بل يكفي لدفع غائلة المطاردة بين الحكمين أن يقيد بترك الضد الآخر الّذي هو أمر محرز أيضا. كما أنه عرف من هذا البيان : أن المقيد اللبي للخطابات الّذي به أخرجنا باب التزاحم عن التعارض ليس هو عدم الاشتغال بضد واجب واقعاً ، بل عدم الاشتغال بضد واجب منجز فإذا فرض عدم تنجز وجوب الضد الأهم كان الأمر بالمهم فعلياً حتى لو اشتغل بالضد ، وهذا يعني أن ما تقدم من أحكام التزاحم من التخيير عند التساوي والترجيح بالأهمية ونحوها من المرجحات المستلزمة لورود أحد الخطابين على الآخر مخصوصة بما إذا كان الحكمان المتزاحمان وأصلين منجزين.
التنبيه السادس ـ في تطبيق فكرة التزاحم على مسألة فقهية معروفة ، وهي ما إذا وقع التزاحم بين وجوب الحج على المستطيع ووجوب الوفاء بالنذر ونحوه ، كما إذا نذر زيارة أبي عبد الله الحسين ٧ في يوم عرفة. والصحيح