بها أن نطبق ما تقدم في المسألة الأولى من قاعدة التعيين عند الدوران بينه وبين التخير في الحجية ضمن التحفظات التي ذكرناها هناك. ودعوى : وجود احتمال تعين خبر غير الأعدل أيضا لكونه هاشمياً أو كريماً أو غيرهما من الصفات مثلاً. مدفوعة : بأن احتمال دخل مثل هذه الصفات غير المرتبطة بمرحلة الكشف والصدق منفي بإطلاق دليل الحجية العام الظاهر في أن ملاكات الحجية قائمة على أساس الكاشفية والطريقية.
وأما الترجيح بالأحدثية. فقد يخرّج على مقتضى القاعدة الأولية أيضا ، بدعوى : أن الأمر يدور بين رفع اليد عن إطلاق دليل الحجية الأزماني للخبر غير الأحدث أو رفع اليد عن أصل إطلاقه للخبر الأحدث ، والتخصيص الأزماني أهون من التخصيص الأفرادي.
لا يقال ـ أن الأحكام المدلول عليها في الأخبار وأحاديث الأئمة ثابتة منذ صدر الإسلام وليست مشرعة من قبلهم ، فتكون الأحاديث كلها ناظرة إلى فترة زمنية واحدة للتشريعات.
فإنه يقال ـ قد تقدم مثل هذه الشبهة في أبحاث نظرية انقلاب النسبة ، وأجبنا عنها هناك بأن تقدم الحكم الشرعي الواقعي المفاد بالحديث المتأخر صدوراً لا يعني تقدم الحكم الظاهري بحجيته ، كما هو واضح.
إلاّ أن هذا التخريج غير تام ، لعدم صحة أصله الموضوعي ، إذ لا فرق في تخصيص الدليل أو تقييده بين عمومه الأزماني أو الأفرادي. على أنه لو سلمنا ذلك فهو إنما يجدي فيما إذا كان لدينا دليل لفظي بحت يدلنا على حجية خبر الواحد وأما إذا كان الدليل لبياً عقلائياً أو محمولاً عليه فلا إطلاق