عدم شمول أحكام العلاج الوارد فيها لموارد الجمع العرفي ، فإن صحيحة الراوندي التي أهم هذه الأخبار قد افترض فيها حجية الخبر المخالف مع الكتاب في نفسه وبقطع النّظر عن معارضته بحديث آخر ، ولذلك صار في مقام علاج التعارض بين خبرين متعارضين أحدهما مخالف مع الكتاب والآخر موافق معه ، فتدل على أن الخبر المعارض مع الكتاب حجة في نفسه على الأقل في موارد المخالفة بنحو التخصيص والتقييد ، فإذا صح أن يكون حجة في مقابل الكتاب كان حجة في قبال خبر الثقة أيضا.
وهذا الوجه صحيح لو لا أنه لا يثبت تمام المدعى ، لما تقدمت الإشارة إليه من أن هذه الرواية ليست في مقام البيان من هذه الناحية ليمكن التمسك بإطلاقها وإخراج موارد التعارض المستقر عنها ، فلا بدّ من الاقتصار على القدر المتيقن منها وهو أوضح موارد الجمع العرفي وأخفّها عناية.
الوجه الخامس ـ التمسك بالسيرة المتشرعية المستقرة في زمن الأئمة : فيخصص بها إطلاق أخبار العلاج. وهذا الوجه تام لو لا دعوى اختصاصه بموارد الجمع العرفي الواضحة ، لأن ثبوت سيرة متشرعية لأصحاب الأئمة : في تمام موارد التعارض غير المستقر غير واضح ، إذ لم نظفر بشواهد تاريخية تدل على أنهم كانوا يقدمون كل ما هو أظهر على الظاهر مثلاً ، وإن كان يوجد بعض الشواهد على تقديمهم مثل الخاصّ والمقيد على العام والمطلق ، وكذلك الجمع العرفي بحمل دليل الأمر على الاستصحاب عند ورود الترخيص ، حيث ورد هذا اللون من الجمع في أقدم الآثار الأصولية عند العامة والخاصة ، بل قد ورد التأكيد على الجمع بنحو التخصيص والتقييد في الروايات التي شبهت أحاديثهم بالقرآن الكريم من حيث أن فيه العام والخاصّ والناسخ والمنسوخ.
التنبيه الرابع ـ في شمول أخبار العلاج لموارد التعارض المستقر غير المستوعب لتمام مدلول الدليل أي التعارض بالعموم من وجه. وقد نقل السيد