وجوب الحج على دليل وجوب الوفاء بالعهد والنذر ، حيث يدعى أن المستظهر من مثل لسان « ان شرط الله قبل شرطكم » الوارد في أدلة وجوب الوفاء تقيده بعدم الأمر بالخلاف في نفسه وبقطع النّظر عن وجوب الوفاء ، وسوف يأتي مزيد تفصيل وتحقيق لهذا المثال في الأبحاث المقبلة إن شاء الله تعالى.
الحالة الثانية ـ أن لا يؤخذ في لسان شيء منهما قيد القدرة ، أو يؤخذ فيهما معاً بنحو واحد ، وهذه الحالة لا يمكن إثبات الترجيح فيها لأحد الخطابين فلا بد من الرجوع إلى ما تقتضيه الأصول العملية.
الحالة الثالثة ـ أن تؤخذ القدرة قيداً في لسان أحد الدليلين دون الآخر ، وقد حكموا في هذه الحالة بترجيح ما لم يؤخذ في لسان دليله قيد القدرة على ما أخذ فيه ذلك ، بدعوى : استظهار كون القدرة عقلية فيما لم يؤخذ فيه قيد القدرة لساناً وشرعية فيما أخذت القدرة في لسان دليله.
ومستند الاستظهار الأول ، أحد أمرين :
الأول ـ التمسك بإطلاق المدلول الالتزامي للخطاب ، فإن مدلوله المطابقي ـ وهو التكليف ـ وإن كان مقيداً لبا بالقدرة فلا يشمل حال العجز إلاّ أن مدلوله الالتزامي ـ وهو الكشف عن الملاك ـ لا بأس بإطلاقه لحال العجز ، إذ لا برهان يقتضي تقييده بحال القدرة.
وهذا الأمر غير تام ، إذ يرد عليه :
أولا ـ أن المحقق في محلّه تبعية الدلالتين المطابقة والالتزامية ذاتاً وحجية ، فإذا سقطت الدلالة المطابقية عن الحجية لم يبق ملاك لحجية الالتزامية.
وثانياً ـ أن المقيد اللبي المخرج لحال العجز يعتبر بمثابة المخصص المتصل ـ على ما تقدم شرحه ـ والمقيد المتصل يمنع عن انعقاد الدلالة المطابقية ذاتاً لا حجيةً فقط ، والتبعية بين الدلالتين ذاتاً ووجوداً مما لا إشكال فيه. نعم