يقتضي وجوب الزكاة الأولى ، كان وجوب الزكاة الأولى بنفسه ـ قبل أن يصبح فعلياً ـ رافعاً لموضوع وجوب الزكاة الثانية. وهذا المثال وإن كان موضعاً للبحث فقهياً إلاّ أنه ذكرناه تقريباً لهذا القسم من أقسام الورود إلى الذهن.
الثاني ـ أن يكون الدليل الوارد متكفلاً لحكم يكون بفعليته رافعاً لموضوع الحكم الثابت بالدليل المورود ، كالدليل الدال من الكتاب أو السنة على حرمة شيء أخذ شرطاً في عقد الوارد بفعليته على الدليل الدال على وجوب الوفاء بالشرط إلاّ شرطاً خالف الكتاب أو السنّة ، فإن هذا الحكم بمجرد أن يصبح فعلياً يكون رافعاً لموضوع وجوب الوفاء بالشرط ، حيث يصبح هذا الشرط مخالفاً للكتاب أو السنّة. وبعبارة أخرى : يستحيل أن يكون الحكم المشروط بعدم الحكم الآخر فعلياً ، إذ لو أريد إثباته من دون إناطته بعدم وجود الحكم الآخر المنافي كان خلف ما هو مفروض في لسان دليله إثباتاً ، وإن أريد إثباته بما هو منوط بعدم الآخر فهو يستحيل الانطباق في المورد ، لأن عدم الآخر إنما يكون بارتفاع موضوعه الّذي يكون بالاشتغال بواجب لا يقل عنه في الأهمية ، وهو الواجب الأول لو فرض أنه ليس أقل أهمية ، فيرجع إلى اشتراط الأمر به بالاشتغال به وهو من طلب الحاصل المستحيل.
الثالث ـ أن يكون الوارد متكفلاً لحكم يكون بوصوله رافعاً لموضوع الحكم في الدليل المورود ، كالدليل القطعي المتكفل لحكم شرعي الوارد على دليل رفع ما لا يعلمون ، إذا اقتصرنا في الغاية على حاق اللفظ ، وهو العلم ولم نفسره بالتنجّز ، وإلاّ كان مثالاً للقسم الرابع ، فإن مجرد وصول الحكم بالدليل القطعي يكون رافعاً لموضوع البراءة ، وكذلك حال الدليل القطعي بالنسبة إلى دليل حرمة الإفتاء بغير علم.
الرابع ـ أن يكون الدليل الوارد متكفلاً لحكم يكون بتنجزه رافعاً