أساس هاتين المقدمتين تكون النظرية واضحة الصحة ، فإنه إذا ورد التخصيص على أحد المتعارضين ارتفع ظهوره الكاشف عن إرادة العموم جداً وأصبح المراد منه ما عدا مقدار التخصيص ـ بحكم المقدمة الأولى ـ فينقلب أخص مطلقاً ـ بحسب هذا الظهور المتبقي ـ من معارضه ، فيتقدم عليه بالتخصيص ـ بحكم المقدمة الثانية ـ.

وتعليقنا على هذا البيان : أنه ما ذا يراد بارتفاع الظهور الكاشف عن المراد الجدي في موارد التخصيص بالمنفصل؟ فهل يراد ارتفاع نفس الدلالة التصديقية على الإرادة الجدية التي هي من الدلالات الحالية ، أو المراد ارتفاع حجية هذه الدلالة. فإذا أريد الأول كانت المقدمة الأولى من المقدمتين اللتين تألف منهما البيان مرفوضة ، لوضوح أن الدليل المنفصل لا يرفع الظهور الحالي في جديّة ما أظهره المتكلم بكلامه إذ بعد انعقاد هذا الظهور على أساس القرائن الحالية والمقالية المكتنفة بالكلام لا معنى لانثلامه وانقلابه عمّا وقع عليه.

أضف إلى ذلك : أن الالتزام بارتفاع الظهور التصديقي بالمخصص المنفصل يستلزم محذور الإجمال دائماً في موارد احتمال المخصص المنفصل بنحو لا يمكن التمسك لنفيه بأصالة العموم ، نظير ما كان يلزم من القول بتوقف الظهور الإطلاقي في المطلق على عدم البيان المنفصل ، لأن الحجة في الكشف عن المراد في الأدلة اللفظية إنما هو هذا الظهور التصديقي ، فلو كان ثبوته موقوفاً على عدم ورود المخصص الكاشف عن الخلاف ولو منفصلاً كان احتمال وروده مستلزماً لإجمال الظهور التصديقي وعدم إمكان التمسك به.

وإن أريد الثاني ، وأن المخصص المنفصل يرفع حجية الظهور التصديقي فالمقدمة الأولى تامة ولكن المقدمة الثانية سوف تكون راجعة إلى البيان الأول وهو دعوى : أن الميزان في التخصيص أن يكون أحد الظهورين بما هو حجة أخص من الآخر وإن لم يكن كذلك بما هو ظهور.

۴۲۷۱