في غير المتناقضين ـ ورد عليه : أنه مع احتمال كذبهما معاً يكون المعلوم إجمالاً كذبه غير متعين في كثير من الأحيان حتى في الواقع ونفس الأمر ، لتساوي نسبة العلم إليهما لو كانا كاذبين معاً فيكون غير المعلوم بالإجمال أيضا غير متعين ومع عدم التعين الواقعي يستحيل جعل الحجية له ثبوتاً ، فيكون الشرط الثاني مفقوداً. كما أنه لا يشمله إطلاق الدليل إثباتاً ، فيكون الشرط الرابع مفقوداً.
وهكذا يتلخص : ان مقتضى القاعدة والأصل الأولي في المتعارضين من هذا القسم ـ المتعارضان بنحو التناقض ـ هو التساقط المطلق.
القسم الثالث ـ أن يكون التعارض ذاتياً على نحو التضاد. ونقصد بالتضاد ما يقابل القسم الثاني ، أي التقابل بنحو يمكن فيه كذب الدليلين معاً ولكنه لا يمكن صدقهما معاً.
والمتجه في هذا النوع من التعارض هو الحكم بالتخيير على مقتضى الأصل الأولي بنحو من الأنحاء السبعة المتقدمة لتصوير الحجية التخييرية ، وهو النحو الثاني والنحو السابع ـ على معنى يرجع لباً إلى النحو الثاني أيضا ـ وتفصيل ذلك : أن الحجية التخييرية بالنحو الثاني ـ وهو حجية كل منهما شروطاً بعدم صدق الآخر ـ معقول في هذا القسم وإن لم يكن معقولاً في القسم السابق ، لتواجد كل شروطها فيه. إذ الشرط الأول ، وهو عدم التنافي بين الحجيتين المشروطتين محفوظ من جهة أن هذه الحجية مقيدة في كل طرف بكذب الآخر ، وهذا يمنع عن فعلية كلتا الحجيتين بنحو يلزم التنافي في إطلاقات دليل الحجية. أما بناء على مسلك المشهور من تقوّم الحجية بالوصول ـ ولو إجمالاً ـ وأن الأحكام الظاهرية تتعارض في مرحلة الوصول فلأن الواصل من هاتين الحجيتين إحداهما لا أكثر ، إذ لا يعلم إلاّ بكذب أحد الضدين إجمالاً