لأصل النهي ، إلاّ أنه باعتبار استظهار الإباحة العامة منه يتعين في القرينية على دليل النهي وحمله على التنزه.

وأما الصورة الثانية ، فإنه وإن كان يحتمل فيها أن يكون المراد من الدليل معناه القرينة خلافاً لظاهره المعارض ، ولكن هدم ظهور الدليل الآخر ليس بأشد حالاً من إهمال الظهور في مفاد الدليل الّذي يكون بظاهره معارضاً. وبعبارة أخرى : الأخذ بالمفاد الّذي يصلح للقرينية على الدليل الآخر لا دليل عليه ولا حجة تعيّنه ، وإنما الحجة ـ وهو الظهور ـ تعين المفاد الّذي لا يصلح للقرينية. ومن أمثلة هذه الصور الموردان المتقدمان للجمع التبرعي بين الدليلين حيث أن دليل الترخيص مفاده الظاهر ـ وهو الإباحة بالمعنى الأخص ـ معارض مع دليل الأمر ، وكذلك دليل تجويز بيع العذرة ، فإن ما هو ظاهره ولو بمقتضى الإطلاق ومقدمات الحكمة معارض مع دليل النهي عن بيع العذرة وغير صالح للقرينية عليه. وما قيل فيهما من الجمع العرفي بحمل الظاهر على النص ورفع اليد عن الإطلاق الحكمي بالظهور الوضعي لاسم الجنس مغالطة واضحة ، وذلك : لأن الجمع العرفي بين الدليلين المنفصلين يكون بملاك القرينية لا غير ، على ما تقدم شرحه فيما سبق. والقرينية فرع تعين مفاد ما يراد جعله قرينة في المرتبة السابقة لكي يفسر به المراد من ذي القرينة فلا تتم فيما إذا كان مفاد الدليل مردداً بين ما يصلح للقرينية وما يكون معارضاً ـ كما هو الحال في المقام ـ ولهذا لا نقول بالقرينية في أمثال هذه الموارد حتى إذا كانت إحدى القضيتين مجملة مرددة بين المطلق والمقيد ، كما إذا لم تتم فيها مقدمات الحكمة في نفسها ، واتصلت إحداهما بالأخرى ، فإنه لا تجعل المهملة قرينة على إرادة المقيد من المطلقة نعم لو كانتا منفصلتين كانت المطلقة حجة في مورد الإجمال من الأخرى من باب عدم العلم بالمعارض.

إن قلت : من جملة وجوه الجمع العرفي حمل الظاهر على الأظهر لا

۴۲۷۱