يرمي ) لو لاحظنا الظهورات التصورية لمفردات السياق نجد أن لدينا صورتين على مستوى التصور ، إحداهما صورة مطابقة لما تقتضيه المفردات بطبعها الأول الّذي وضعت له في اللغة وهي صورة حيوان مفترس بين يديه قوس وسهم يرمي بهما ، وصورة أخرى ثانوية تدل عليها المفردات بملاحظة مناسبتها للصورة الأولى وهي صورة رجل شجاع يرمي بالسهم. ورغم أن الأولى هي الصورة التي تتطابق مع المدلول الأولى للمفردات مع ذلك يستقر في الذهن بلا تأمل أو تردد الصورة الثانية لبعد الصورة الأولى عن الذهن وعدم اعتياد الذهن على رؤيتها فتكون هذه الغربة وعدم الأنس الذهني سبباً لخطور الصورة الثانية التي هي المدلول الثانوي المناسب مع الكلام واستقرارها في الذهن. هذا إذا كانت القرينة نصاً في معناها بحيث لم يكن يحتمل التأويل فيها وأما إذا كانت تتحمل التأويل بأن يراد من الرمي في المثال الرمي بالنظر مثلاً ، فمسألة عدم الأنس مع المعنى الحقيقي لمفردات الجملة لا تقتضي إلاّ صرف الذهن عن ذلك المعنى وأما تعيينه في معنى مجازي يكون تصرفاً في معنى اللفظ المتقدم ذكراً أو معنى مجازي يكون تصرفاً في مدلول اللفظ متأخر ، فبحاجة إلى إضافة نكتة زائدة.
وهذه النكتة بالإمكان تصويرها بأحد نحوين :
الأول ـ أن تكون الدلالة التصورية في أحدهما أقوى من دلالتها في الآخر ، فتتغلب عليها في مرحلة إخطار المعنى إلى ذهن المخاطب ، فإن الأقوائية والأظهرية كما تتصور بلحاظ مرحلة الدلالات التصديقية كذلك تتصور بلحاظ مرحلة الدلالة التصورية ، لأن منشأ الدلالة التصورية إنما هو القرن والأنس الحاصل بين اللفظ والمعنى في عالم الذهن ، وهذا له مراتب متفاوتة شدة وضعفاً ، فكلما كان الاقتران بين اللفظ ومعناه آكد كانت الدلالة التصورية أقوى وأظهر.
وهذا التصوير صحيح في نفسه ، لكنه لا يصلح لتفسير كافة موارد