يكون بسبب ما نسميه بالسياق أو الهيئة التركيبية لمجموع الكلام ، فإن السياق بهذا المعنى قد يكون له مدلول تصوري وظهور زائد على الظهورات التصورية للمفردات والهيئات فحينما يقال : ( صلّ صلّ ) بنحو التكرار يكون التكرار دالاً على التأكيد ، ودلالته على ذلك تصورية ولهذا تكون محفوظة حتى عند سماع ذلك من لافظ بدون شعور ، فكما أن الدلالة لصلّ محفوظة لو صدرت من لافظ غير ذي شعور كذلك دلالة التكرار ـ الّذي هو لون من السياق ـ على التأكيد محفوظة حتى في هذه الحالة. وهذا يعني أن التأكيد بنحو المدلول التصوري مفهوم من الكلام قبل الوصول إلى مرتبة انتزاع المدلول التصديقي منه. وكذلك الأمر في قولنا ( أسد يرمي ) فإن هذه الجملة تدل على الرّجل الشجاع لا بحسب مرحلة المدلول التصديقي فحسب بل بحسب مرحلة المدلول التصوري أيضا ولهذا لا ينتقش منها في الذهن إلاّ ذلك عند سماعها ولو من لافظ غير ذي شعور ، وهذا يعني أن ضم كلمة ( يرمي ) إلى ( أسد ) أوجد سياقاً غيّر من الظهور التصوري لكلمة ( أسد ) وأنشأ ظهوراً تصورياً آخر في الرّجل الشجاع وهو الّذي يشكل الظهور التصوري الفعلي للكلام ، لأن الصورة التي يبرزها هي التي تستقر في النّفس ، وفي مثل هذه الحالة تكون كلمة ( يرمي ) قرينة بحسب مرحلة الظهور التصوري لأنها أدت إلى إيجاد سياق أوجب تغيير الظهور التصوري وقلبه إلى ظهور آخر.

وأما كيف يتكون للسياق ظهور تصوري بحيث قد يغلب الظهور التصوري الأولي للمفردات ، فهذا يتم بأحد سببين.

الأول ـ أن يكون السياق بنفسه موضوعاً لإفادة صورة معينة ، فكما أن وضع المفرد لمعناه يوجب دلالته التصورية عليه كذلك وضع السياق لمعنى ـ من قبيل وضع التكرار للتأكيد ـ يوجب الدلالة التصورية للسياق على ذلك المعنى.

الثاني ـ أن يكون نتيجة للأنس الذهني ، ففي مثل جملة ( رأيت أسداً

۴۲۷۱