حققناه مفصلاً في أبحاث الوضع.
الثانية ـ درجة الظهور التصديقي بلحاظ الإرادة الاستعمالية ، وهو عبارة عن ظهور حالي في المتكلم يدل على أنه قاصد استعمال اللفظ في معناه وإخطاره إلى ذهن السامع ، ولذلك كان هذا الظهور دلالة تصديقية لا تصورية وبحاجة إلى أن يكون اللفظ صادراً من ذي شعور يتأتى منه الإرادة والقصد.
الثالثة ـ درجة الظهور التصديقي بلحاظ الإرادة الجدية ، الّذي هو عبارة عن ظهور حالي في التكلم أيضا يدل على أنه قاصد لمعنى كلامه جداً وليس بهازل أو ممتحن أو غير ذلك ، حيث أن ظاهر حال كل متكلم ملتفت أن داعيه منه هو الجد وبذلك تكون هذه المرحلة من الظهور دلالة تصديقية أيضا وبحاجة إلى أن يكون اللفظ صادراً عن ذي شعور كما هو الحال في الظهور التصديقي بلحاظ الإرادة الاستعمالية.
ومنشأ هذين الظهورين التصديقيين الحالييّين هو الغلبة الخارجية ، فإن الغالب فيمن يتكلم بكلام أن يكون قاصداً تفهيم معناه للمخاطب لا ناطقاً باللفظ فقط. وجديّاً في إرادته ذلك المعنى لا هازلاً أو ممتحناً أو متقياً.
ولا يبعد أن يكون ملاك هذه الغلبة هو التعهد النوعيّ العقلائي من قبل المتكلم في حالات المحاورة على قصد المعنى وإرادته جداً كلما يتكلم بكلام ، فإن التعهد يمكن أن يكون منشأ للدلالة التصديقية وتفسيراً لها ، وإن لم يكن يصلح لتفسير الدلالة الوضعيّة التصديقية عندنا ، على ما حققناه وشرحناه مفصلا في أبحاث الوضع.
فإذا اتضحت هذه المراحل الثلاث للظهور ، رجعنا إلى القرينية لنرى كيف تتصور في كل من هذه المراحل ، فنقول :
أما تصور القرينية بلحاظ المرحلة الأولى ، فلكي نفهم ذلك يجب أن نعرف أن الظهور التصوري للكلام تارة : يكون بسبب مفردات الكلام كما في أسد وشجرة وعالم ، وأخرى : يكون متحصلاً من هيئة المفرد أو الجملة ، وثالثة :