والماء.

لكنا قد ذكرنا في مبحث الطلب والإرادة (١) مفصلا أن الفعل القلبي ضرب من الوجود النوري ، والوجود في قبال المقولات ، وهذا الفعل قائم بالنفس قياما صدوريا فهو من العلوم الفعلية دون الانفعالية ، ونسبة النفس إليه بالتأثير والإيجاد.

وبالجملة الأفعال القلبية أمور يساعدها الوجدان ، فان الانسان كثيرا ما يعلم بأهلية المنصوب من قبل من له النصب ، لكنه لا ينقاد له قلبا ولا يقرّبه باطنا ، لخباثة نفسه أو لجهة أخرى ، وإن كان في مقام العمل يتحرّك بحركته خوفا من سوطه وسطوته.

وهكذا كان حال كثير من الكفار بالنسبة إلى نبيّنا صلّى الله عليه وآله حيث إنهم كانوا عالمين بحقيّته كما نطق به القرآن ومع ذلك لم يكونوا منقادين له قلبا ولا مقرّين به باطنا.

ولو كان ملاك الايمان الحقيقي نفس العلم التصديقي لزم أن يكونوا مؤمنين به حقيقة ، أو جعل الإيمان الذي هو أكمل كمالات النفس مجرد الإقرار اللساني ، وكلاهما مما لا يمكن الالتزام به فافهم جيّدا.

٣٢ ـ قوله « قده » : الحق هو الثاني لشاهدة الوجدان ... الخ (٢).

قد عرفت في مبحث التجري (٣) أن ملاك استحقاق العقوبة انطباق عنوان هتك الحرمة والظلم على المخالفة للتكليف.

ومن الواضح أن عدم الالتزام قلبا مع كمال الالتزام عملا لا يكون هتكا ولا ظلما ، إذ الغرض من التكليف انقداح الداعي إلى فعل ما هو موافق لغرض

__________________

(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٤٩.

(٢) كفاية الأصول ٢٦٨.

(٣) التعليقة ١٠.

۴۴۰۱