يكاد يعقل تصور فردين من الإرادة ، أو الإرادة والكراهة في موضوع واحد.

وإن كانت عبارة عن البعث والتحريك ونحوهما : فإن كانت لحقيقة الحكم الفعلي مرتبة واحدة ذات جهات موجبة لبلوغها إلى درجة الفعليّة ، ومرتبة التّمامية ، فمن البيّن حينئذ أن ما يستحق أن يكون مصداقا للحكم الحقيقي هو ما اجتمعت فيه جميع جهات الفعليّة ، بداهة أن الفاقد لبعضها باق على الشأنية ولم يبلغ درجة الفعليّة ، والفعليّة تنسب إلى نفس تلك الجهة لا إلى الحكم.

ولا بد حينئذ من جعل العلم مثلا مبلّغا إلى درجة الفعليّة ، فيكون مرتبة الفعليّة والتّنجّز فيه واحدة ، وهو مما لا يقول به المصنف العلامة « رفع الله مقامه » إلا في الأحكام الطريقيّة دون النفسيّة الحقيقيّة.

وإن كانت لحقيقة الحكم الفعلي مراتب ودرجات مع وجدان جميعها لما هو ملاك الفعليّة ومناط حقيقة الحكميّة ، فمن الواضح أن فردين من طبيعة واحدة مثلان ، ومن طبيعتين ضدان ، سواء كانا متفاوتين في القوّة والضّعف أم لا ، فيستحيل اجتماعهما.

نعم إنما يمكن إبداء الفرق فيما لو كان استحالة اجتماع الحكمين الفعليّين بأمر خارج من حقيقة الحكم الفعلي ، وذلك بدعوى أن الحكم : إن كان الغرض الباعث إليه بحدّ يوجب على الحاكم القيام على رفع موانع تنجّزه على المكلف بنصب طريق موافق أو بجعل احتياط ملزم ، فلا محالة يستحيل منه نصب طريق لا يوافق أو أصل مخالف لمنافاته للغرض.

وإن كان الغرض الداعي إلى جعل الداعي لا بذلك الحد ، فكما لا يجب عليه رفع موانع تنجّزه على المكلف كما هو كذلك قطعا في الغالب ، كذلك يجوز له إبداء المانع عن تنجّزه بنصب طريق غير موافق أو أصل مخالف ، إذ المفروض كون الغرض بحيث لا يوجب رفع المانع ، فلا يمنع عن إبدائه ، إذ لا فرق بينهما في نظر العقل حيث إن عدم رفعه إبقاء منه والإبقاء والإبداء على حد سواء.

لكن لا يخفى عليك أن الغرض إنما يتفاوت فيما إذا كان غرضا من

۴۴۰۱