النوع بلحاظ اشتمال العدل والإحسان على المصلحة العامة ، والظلم والعدوان على المفسدة العامة.
فتلك المصلحة العامة تدعو إلى الحكم بمدح فاعل ما يشتمل عليها ، وتلك المفسدة تدعو إلى الحكم بذم فاعل ما يشتمل عليها ، فيكون هذا التحسين والتقبيح من العقلاء موجبا لانحفاظ النظام ورادعا عن الإخلال به.
وما يناسب الحكم العقلائي الذي يصح نسبته إلى الشارع بما هو رئيس العقلاء هو القسم الثاني ، دون الأول الذي لا يناسب الشارع ، بل لا يناسب العقلاء بما هم عقلاء ، وهو الذي يصح التعبير عنه بالتأديبات الصلاحيّة ، فان الحكم بالمدح والذم على العدل والظلم موجب لما فيه صلاح العامة ، دون المدح والذم المترتب عليهما لداع حيواني ، فانهما لا يترتب عليهما مصلحة عامة ، ولا يندفع بهما مفسدة عامة.
فالاقتضاء بهذا المعنى ليس محل الكلام وثبوته وجداني.
والاقتضاء بالمعنى الثاني هو محل الكلام بين الأشاعرة وغيرهم ، وثبوته منحصر في الوجه المشار إليه مرارا من أن حفظ النظام وبقاء النوع المشترك بين الجميع محبوب للجميع ، وخلافه مكروه للجميع ، وهو يدعو العقلاء إلى الحكم بمدح فاعل ما فيه المصلحة العامّة وذم فاعل ما فيه المفسدة العامّة.
وعلى ما ذكرنا فالمراد بأن العدل يستحق عليه المدح والظلم يستحق عليه الذم هو أنهما كذلك عند العقلاء وبحسب تطابق آرائهم ، لا في نفس الأمر كما صرح به المحقق الطوسي « قدس سره » حيث قال إن المعتبر في الضروريات (١)
__________________
(١) شرح الإشارات ١ / ٢٢١ لكن بتغيير يسير بين العبارتين فان التي في الشرح كما تلي كما أن المعتبر في الواجب قبولها لكونها مطابقة لما عليه الوجود فالمعتبر في المشهورات كون الآراء عليها مطابقة ولم نعثر على عبارة غيرها في الشرح فراجع.