لها بذلك المقدار ، فبقيّة المقدمات يوجب تضييق دائرة الأحكام المنجّزة إلى أن تنحصر في المظنونات ، فحينئذ لا يبقى مجال للتصرف المولوي من قبل الشارع ، فإنه إما يتصرف بجعل الداعي بعثا أو زجرا أو بالإنشاء بداعي تنجيز واقعيّاته. والمفروض بلوغ واقعيّاته بسبب العلم الإجمالي أو بايجاب الاحتياط الطريقي مرتبة الباعثية والزاجرية والتنجز. فجعل الداعي وجعل المنجز مع فرض حصول الداعي والتنجز تحصيل الحاصل ، وجعل داعيين لموضوع واحد أو منجّزين لموضوع واحد من قبيل اجتماع المثلين ، وهو مستحيل على المشهور.
وحينئذ لم يبق إلا حكم العقل بلزوم الإطاعة الظنّية ، ومرجعه كما في الإطاعة العلميّة إلى الإذعان باستحقاق العقاب على مخالفة التكليف المنجّز.
وليس للشارع تصرف مولوي هنا لا من حيث الأمر والنهي ، ولا من حيث جعل العقاب :
أما الأول ، فواضح ، إذ المؤاخذة واستحقاق العقاب في نفسهما غير قابلين لتعلق الأمر والنهي ، فان الثاني ليس من الأفعال ، والأول فعل الشارع ، وكلاهما مما لا يعقل تعلق التكليف به.
وأما الثاني ، فلما تسالموا عليه من أن الحكم باستحقاق العقاب من العقل ، كما مر الكلام فيه وسيجيء إن شاء الله تعالى.
وعلى فرض كون استحقاق العقاب بجعل الشارع ، فهو غير مختص بالمقام ليكون فارقا بين الكشف والحكومة.
بل مخالفة التكليف الذي قامت عليه حجة شرعية أو عقلية توجب استحقاق العقاب شرعا.
هذا كله إن قلنا : بمنجزية العلم الإجمالي أو إيجاب الاحتياط الطريقي وتضييق دائرة الواقعيّات المنجّزة وحصرها في المظنونات.
وحينئذ فالفرق بين تبعيض الاحتياط في خصوص المظنونات ، وحجية