ثانيهما : الفعلية بالعرض بأن يكون اعتبار الحجّية بمعنى جعل الحكم المماثل على طبق الطريق الموافق ، فالحكم المماثل حيث إنه بنفسه واصل يكون فعليّا حقيقة ، وحيث إنه بلسان أنه الواقع ، فينسب الوصول والفعليّة إلى الواقع ، فيقال : بفعلية الواقع عرضا.
إذا عرفت ما ذكرنا ، فاعلم أن غرض القائل بالظن بالطريق كصاحب الفصول رحمه الله من كون المكلف به هو العمل على طبق الطريق وتقييد الواقع به ليس بمعنى الصرف المطلق المستلزم للتصويب ، ولا الفعليّة من تلقاء الشارع بحيث يتمّ اقتضائه من قبل الشارع بقيام الطريق ، كيف وقد فرض في صدر كلامه القطع بأنا مكلفون بأحكام فعلية. بل المراد دخل الطريق في فعلية التكليف بعثا وزجرا ، بحيث يكون له إطاعة وعصيان بأحد الوجهين من الفعلية الذاتية أو العرضيّة ، حيث إن التكليف بالطريق إمّا بمعنى جعل الحكم المماثل أو الانشاء بداعي تنجيز الواقع ، ودوران فعليّة الواقع مدار الثاني واضح ، وكذا مدار الأول ، إذا كان الحكم المماثل بعنوان إيصال الواقع بالعرض ، بحيث لا يكون منبعثا إلا عن مصلحة الواقع.
وعلى هذين التقديرين فوجه دعوى اختصاص حجية الظن بالظن بالطريق هو أن الواقع الذي لم يبلغ مرتبة البعث والزجر لا أثر له ، فالظن به ظن بما لا أثر له ، بخلاف الظن بالفعلي منه وهو الظن بما قام عليه الطريق المنصوب.
ومنه يتضح الفرق بين قيام الظن بالطريق مقام القطع به وعدم قيام الظن بالواقع مقام القطع به ، إذ الظن والقطع على الأول تعلّقا بالحكم الفعلي ، فيقوم الظن به مقام القطع به ، بخلاف الظن والقطع على الثاني ، فان القطع هو بنفسه موجب لفعليّة الواقع ومحقق لموضوع الأثر ، والظن بالواقع المقطوع به غير معقول ، وبنفس الواقع ظن بما لا أثر له.