وجعل أستادنا (١) العلامة « رفع الله مقامه » في الحاشية عقلية الدليل بلحاظ عقلية النتيجة حيث إنها حكم عقلي استقلالي بعد تحقق المقدمات الخمسة.
ويمكن أن يقال : إن النتيجة من أفراد الكبرى الكلية فيتبعها في العقلية والشرعية ، ولا معنى لكون النتيجة بما هي عقلية مع قطع النظر عن الكبرى الكلّيّة ، وليس لمجموع المقدمات الخمسة كبرى كلية ، بل لكل واحدة كبرى تخصها كما لا يخفى.
مع أن العبرة في العقلية لو كانت بكون النتيجة وهي حجية الظن عقلية لكان الدليل عقليا بناء على الحكومة ، لا مطلقا ولو على الكشف ، إذ على الكشف ليست النتيجة إلا وجوب العمل بالظن شرعا ، بخلاف ما إذا كان مناط العقلية ما سيجيء إن شاء الله ، فانه لا فرق فيه بين القولين.
والتحقيق في تأليف القياس في هذا المورد أن يقال : إن المقدمات الخمسة بنحو القياس الاستثنائي مقدم القضية ، وتعين العمل بالظن من باب التالي لها ، والعقلية حينئذ بلحاظ استلزام المقدم للتالي ، لا بلحاظ استلزام المقدمتين للنتيجة حتى يقال : إن استلزام القياس للنتيجة عقلي دائما.
نعم حيث إن أطراف الدوران غير منحصرة عقلا في الأصول الأربعة والظن ومقابليه ، لإمكان أصل آخر عقلا ، فلا محالة لا يكون استلزام المقدم للتالي عقليا ، ولكن بعد ضمّ عدم مرجعية أصل آخر غير الأصول المعمولة إجماعا يكون الاستلزام عقليا قطعيا ، إذ بعد فرض المقدم لو لم يتعيّن الظن يلزم الخلف أو التكليف بما لا يطاق ، واللازم أن يكون التلازم عقليا ، لا ذات اللازم والملزوم.
ومن البين أنه بعد انسداد باب العلم والعلمي لا يبقى إلا الظن والشك
__________________
(١) التعليقة على الرسائل / ٧٦.