وإن كانت الأخبار نافية والأصول نافية ، فحالها حال المثبتين ، غاية الأمر أنّ المحذور هناك امتناع الحكمين الفعليين وتنجّز المنجّز ، وهنا لغوية جعل عدم الوجوب فعلا مرتين ولغوية جعل العذر حقيقة مرّتين ، فلا أثر للعلم الإجمالي حينئذ.
وإن كانت الأخبار نافية والأصول مثبتة سواء كانت بحد يعلم إجمالا بمخالفتها للواقع أولا بذلك الحد يتبنى جريانها على شمول أدلة الأصول لصورة العلم الإجمالي بالخلاف.
نعم مثل قاعدة الاشتغال الغير المغيّاة بذلك تكون منجزة للحكم ، ولا أثر حينئذ للعلم الإجمالي ، إذ بعد تنجز الواقع في طرف بالقاعدة يستحيل تعلق العلم الإجمالي بعدم فعليّته ليترتب عليه المعذورية.
بقى الكلام في أثر الخبر النافي حتى يكون العلم به إجمالا مؤثرا ، فان ظاهر الشيخ (١) الأجل « قدس سره » في الرسائل اختصاص تأثير العلم الإجمالي بصورة قيام الخبر على ثبوت التكليف لا نفيه ، وظاهر شيخنا الأستاد « قدس سره » أنه كالخبر المعلوم تفصيلا (٢) فيما له من الأثر ، فأثر العلم به تفصيلا أو إجمالا جواز العمل على طبقه.
وتحقيق القول فيه أن وصول التكليف اللزومي تفصيلا أو إجمالا يوجب التنجز بمعنى أنه يحقق عنوان مخالفة التكليف الواصل المندرجة تحت عنوان الظلم المحكوم عقلا باستحقاق الذم والعقاب ، وعدم استحقاق العقاب بعدم علّته التامة ، وعدمها تارة بعدم المخالفة ، وأخرى بعدم التكليف حقيقة ، وثالثة
__________________
(١) في أواخر الوجه الأول من الوجوه العقلية التي أقيمت على حجية خبر الواحد.
(٢) يعني في المتن حيث قال قدس سره : ولازم ذلك لزوم العمل على وفق جميع الأخبار المثبتة وجواز العمل على طبق النافي منها فيما إذا لم يكن في المسألة أصل مثبت له من قاعدة الاشتغال أو الاستصحاب إلى آخره. كفاية الأصول / ٣٠٥.