ولم يمض البناء الخصوصي.
وأما إذا كان البناء العملي إما على اتباع الظهور العمومي مطلقا ولو كان في قباله خبر ، أو على اتباعه ما لم يكن في قباله خبر كما هو الواقع ، فلا محالة لا مقتضى لحجية الظهور العمومي فيما يتعلق بخبر الثقة ، وإذا لم يكن منهم بناء عملي ، فلا موقع للامضاء ، فهذا الظهور العمومي لا مقتضى لحجيته في بعض مدلوله ، فلا رادع عن البناء العملي على اتباع خبر الثقة.
وما ذكرناه (١) في مبحث حجّية الظواهر أن نهي الشارع عما بنى العقلاء على اتباعه يمكن أن يكون بإطلاقه نهيا عن رفع اليد به عن الظهور الذي في قباله ، فيكون بالملازمة أمرا باتباع الظهور ، فيكون إثباتا لحجية هذا الظاهر الخاص ابتداء لا إمضاء.
غير جار هنا ، فان النهي الذي يكون أمرا بالملازمة هو هذا الظهور الذي لا مقتضي له ، فكيف يكون هو أمرا باتباع نفسه ، فتدبره ، فانه حقيق به.
ولكنه سيجيء إن شاء الله تعالى في مبحث (٢) الاستصحاب أن عدم بناء العقلاء على العمل بالعمومات الرادعة ليس بملاك العام والخاص ولا بملاك الظاهر والظن بالخلاف كما قدمناه (٣) ، بل بملاك بنائهم على اتباع الخبر ، ولا يعقل بنائهم عملا على طرحه ، ولذا لو ورد ظاهر بالخصوص على المنع عن الخبر لم يكن متبعا عندهم أيضا ، ومع ذلك إذا سئل العقلاء من لزوم اتباع الظهور العمومي أو الخصوصي المانع عن العمل بالخبر على المكلف الملقى إليه ذلك الظهور من قبل مولاه مع عدم حجة أخرى أقوى من قبله يحكمون بلزومه
__________________
(١) في آخر تعليقة ٧٤ حيث قال إلا أن يجعل المنع عن اتباع مثل ذلك الظن شرعا إلى آخره فراجع.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : التعليقة ١١.
(٣) في التعليقة ٧٤.