وأما الثاني ، فلأن الحكم الوضعي وإن كان يصح انتزاعه بلحاظ حكم تكليفي كالجزئية والشرطية بلحاظ التكليف بالمركب والمقيد لكونه في نفسه أمرا انتزاعيا.

إلا أن الحكم التكليفي لا يصح جعله إلا بالإنشاء بداعي جعل الداعي.

واعتبار أمر وضعي لا يعقل أن ينشأ منه إنشاء بداعي جعل الداعي حتى يستتبع الأمر الوضعي حكما تكليفيّا ، وترتب الدعوة والباعثيّة عليه غير استتباعه لمقولة الحكم التكليفي.

وأما الاستتباع في مقام الإثبات بطور استتباع المعنى الكنائي للمعنى المكنى عنه ، فهو مع أنه غير مناسب لجعل الحجيّة حقيقة واستتباعها للحكم التكليفي.

يرد عليه أن الاستتباع في مقام الاثبات يتوقف على اللزوم في مقام الثبوت ، وقد عرفت عدم اللزوم ثبوتا.

نعم جعل الحجية عنوانا للانتقال من اللازم إلى ملزومه وهو الحكم الطلبي المصحح لانتزاع الحجية معقول فنقول : الخبر حجّة للانتقال إلى ملزوم الحجية وهو الحكم التكليفي المصحح للحجية الحقيقية لا من باب الانتقال من الملزوم إلى لازمه ، وهو مع منافاته للمقام مخالف لظاهر الاستتباع ، فانه أخص من الاستلزام.

ثم إن الجواب الذي أجاب به شيخنا الاستاد « قدس سره » فيما يأتي مبني على أن مجرد كون الانشاء بعثا مفهوميا انشائيا لا يلازم اجتماع المثلين والضدين بل فيما إذا كان كالحكم الواقعي بداعي جعل الداعي.

وأما إذا كان بداع آخر من الدواعي ، فهو ليس مصداقا لجعل الداعي حقيقة ، ولا تماثل إلا بين فردين من طبيعة واحدة لا بين فرد من الارشاد مثلا وفرد من جعل الداعي ، وكذلك التضاد ، فإنه ليس بين كل طبيعتين متغايرتين بل

۴۴۰۱