ويندفع بأن جعل الأحكام : إن كان بنحو القضايا الخارجيّة أمكن دعوى أنه لا مانع عن تأثير ملاك الحكم الواقعي إلا عند قيام الأمارة المخالفة الموجب لصيرورة العمل على طبقها ذا مصلحة غالبة.

وأما إن كان بنحو القضايا الحقيقيّة ، فمن حين جعل الحكم الواقعي لا يعقل تأثير ملاكه إلا في الحكم في غير صورة قيام الأمارة المخالفة وظاهر كلام الشيخ أيضا ذلك ، حيث قال « رحمه الله » إن الصفة (١) المزاحمة بصفة لا تصير منشأ الحكم إلى آخره.

إلا أنك قد عرفت في المقدمة أن المصلحتين بأي وجه كانت لا تزاحم بينهما في التأثير حتى يخلو الواقع عن الحكم وفرض تقييد مصلحة الواقع في نفسها بعدم قيام الأمارة المخالفة خلف وخلاف ظاهر كلامه « قدس سره ».

ثالثها أن تكون المصلحة في سلوك الأمارة وتطبيق العمل عليها لا أن قيامها تحدث مصلحة في الفعل. بيانه أن التدبر التام فيما أفاده « قدس سره » في هذا المقام بملاحظة صدر كلامه وختامه يقضي بأن الفارق بين الوجه الثاني والثالث هو أن الأمارة على الثاني سبب لحدوث مصلحة في ذات الفعل فلا محالة يقع الكسر والانكسار بين الملاكين القائمين بذات الفعل من حيث التأثير.

وأما على الثالث فالفعل على ما هو عليه واقعا من الملاك القائم به ، وإنما الملاك الآخر في أمر آخر وهو سلوك الأمارة وتطبيق العمل عليها ولعل نظره الشريف « قدس سره اللطيف » إلى أن المصلحة الأخرى على الثاني حيث إنها في نفس الفعل ، فالحكم المنبعث عنها حكم واقعي لذات الفعل وهو مختص بمن قامت عنده الأمارة فلا حكم واقعي مشترك بين الكل بخلاف الوجه الثالث ، فان المصلحة في سلوك الأمارة الحاكية عن الحكم الواقعي ، وفي تطبيق العمل عليها من حيث إن مدلولها حكم واقعي ، فعنوانها مقتض لثبوت الحكم الواقعي

__________________

(١) فرائد الأصول المحشى ١ : ٤٨.

۴۴۰۱