إمكان أخذ القطع بالحكم في موضوع نفسه ، فان اللازم وساطة نتيجة البحث ، لا وساطة نفس القطع ، ليتوهم عدم إمكانها.
لا يقال : إنما يصح ما ذكر من الوجه في خروج مباحث القطع عن مسائل علم الأصول بناء على أن الغرض من العلم المزبور ذلك.
وأما لو قلنا بأن الغرض منه أعم من ذلك ، وهو البحث عما يفيد في مقام إقامة الحجة على حكم العمل شرعا في علم الفقه كما بيناه في أوائل الجزء الأول من التعليقة لإدراج البحث عن حجية الأمارات دلالة وسندا في علم الأصول (١) ، فيمكن إدراج البحث هنا أيضا في المسائل ، لأن البحث عن منجّزية القطع بأقسامه ، كالبحث عن منجزية الأمارات ، وكلاهما يفيد في مقام إقامة الحجة على حكم العمل في الفقه.
لأنا نقول القطع بالحكم عين وصوله حقيقة إلى المكلف ، ولا يتوقف العلم بفعل المكلف من حيث الاقتضاء والتخيير وهو علم الفقه على منجزية القطع ، ليكون نتيجة البحث مفيدة في الفقه.
بخلاف ما عدا القطع من أقسام الحجة ، فانه ليس وصولا حقيقيا للحكم ، فلا بد من كونه وصولا تنزيليا ، أو وصولا من حيث الأثر ، وهو المنجّزيّة ، فيتوقف وصول الحكم إلى المكلف على ثبوت وصوله تنزيلا ، أو من حيث الأثر ، وهو المبحوث عنه في علم الأصول.
وكذا البحث عن منجّزيّة العلم الإجمالي واستحقاق العقوبة على التجري ، فإنه خارج عن مسائل الفن على جميع التقادير.
نعم إذا كان البحث في التجرّي بحثا عن تعنون الفعل المتجري به بعنوان قبيح ملازم بقاعدة الملازمة للحرمة شرعا دخل في مسائل الفن ، لكنه لم يحرّر بهذا العنوان في الكتاب ، وغيره.
__________________
(١) نهاية الدراية ١ : التعليقة ١٣.