إلى الوقوع في الحرام. وليس المراد بذلك ان ارتكاب مجموع موارد الشبهة مما يكون كذلك ، باعتبار : أن في ضمن موارد الشبهة ـ بالعلم الإجمالي ـ مقدارا من الحرام الواقعي ، حيث نعلم إجمالا ان في ضمن الكمية الكثيرة من الموارد المشتبه بها ، محرمات واقعية أيضا ، يكون المرتكب لجميع موارد الشبهة قطعا وبالعلم الإجمالي مرتكبا لجملة من المحرمات الواقعية أيضا ، بأن تكون الرواية في مقام التحذير عن ارتكاب المجموع. ليس الأمر كذلك ، بل المراد ان ارتكاب الشبهة بها هي شبهة ـ أي : جنس الشبهة ـ مما ينجر بالمرتكب إلى الوقوع في الحرام لا محالة. والدليل على ذلك :

أولا : ان النبويّ في مقام تصوير قسم ثالث ، ليس هو بالحلال البيّن ، ولا بالحرام البيّن ، وهو المشتبه ، ولا يناسب هذا إرادة المجموع من المشتبه ، فان المجموع لا يمكن فرضه مقابلا للقسمين ، كما هو ظاهر. بل المناسب له إرادة الجنس من المشتبه ، فانه ـ على هذا ـ يكون قسما ثالثا في مقابل القسمين الأوّلين.

وثانيا : ان الإمام عليه‌السلام قد استشهد بالنبوي لترك الخبر الشاذ النادر ، ولو كان المراد بالشبهة ـ في النبوي ـ المجموع دون الجنس ، لما تم الاستشهاد المذكور ، كما لا يخفى.

وعليه ، فالمراد بالنبوي : ان ارتكاب الشبهة بما هي شبهة ـ أي : الجنس ـ مما يشرف بالمرتكب إلى الوقوع في الحرام ، كالإشراف في مجاز المشارفة ، فمرتكب الشبهة مشرف على ارتكاب الحرام ، كما ان من يراعى بغنمه حول الحمى مشرف على الدخول في الحمى ، كما وقع التشبيه بذلك في بعض الروايات.

وعلى هذا ، فغاية ما يستفاد من النبوي هو : ان ارتكاب الشبهة إشراف على ارتكاب الحرام ، فلا بد لمن يريد الاستدلال بالرواية لحرمة ارتكاب الشبهة من إثبات حرمة الاشراف على الحرام أيضا.

وثالثا : الروايات الكثيرة المساوقة لهذه الرواية الظاهرة ـ لقرائن مذكورة

۵۵۹۱