الشبهات نجا من المحرّمات ، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرمات ، وهلك من حيث لا يعلم » (١).

وموضع الاستشهاد في الرواية هو : ( قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات .. ». وهذه الفقرة ـ ابتداء ـ لا دلالة لها على وجوب الاحتياط ، إلا بضم مقدمة أشار إليها شيخنا العلامة الأنصاري قدس‌سره بها تتم دلالتها على المدّعي ، وهو : ان الرواية دلت على وجوب طرح الخبر الشاذ النادر في مقابل الخبر المجمع عليه ، معلّلا ذلك : بأنّ المجمع عليه لا ريب فيه. وبمقتضى المقابلة يكون الشاذ مما فيه الريب ، لا أنّ الشاذ يكون مما لا ريب في بطلانه ، بل المقابلة تقتضي ان يكون الشاذ مما فيه الريب. وحينئذ فيدخل الخبر الشاذ تحت الأمر المشكل ، الّذي يجب ان يرد علمه إلى الله .. ولا يكون من بيّن الغيّ.

وعلى هذا فاستشهاد الإمام عليه‌السلام في هذا المقام بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : « حلال بيّن ، وحرام بيّن ، وشبهات بين ذلك ، فمن ترك الشبهات ... » يكون دليلا على ان ترك الشبهات واجب ، وإلا لما تم الاستشهاد به لوجوب طرح المشكل الّذي هو موارد الرواية ، كما لا يخفى (٢).

فإذا تمت هذه المقدمة تم الاستدلال بالرواية ، وإلاّ فلا. هذا ، ولكن الشأن هو تمامية المقدمة المذكورة ، والظاهر هو عدم تماميتها. فان أساس هذه المقدمة مبتن على ان يكون الخبر الشاذ ـ بمقتضى المقابلة ـ مما فيه الريب ، لا مما لا ريب في بطلانه. وقد استشهد شيخنا الأنصاري قدس‌سره لإثبات ذلك بوجوه ثلاث :

الأول : ان المفروض في الرواية هو تأخر الترجيح بالشهرة عن الترجيح

__________________

(١) وسائل الشيعة ١٨ ـ ١١٤ باب ١٢ ح ٩ من أبواب صفات القاضي.

(٢) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى فرائد الأصول ـ ٢١١ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱