أوّلا : ان ذلك مما لا يجب فيه الاحتياط باتفاق الأصوليين والأخباريين ، لكون مورد الرواية من الشبهات الوجوبية ، التي لا يجب الاحتياط فيها اتفاقا.

وثانيا : انه على تقدير التسليم بالاحتياط في مورد الرواية ، بفرضه من موارد الدوران بين المتباينين ، الواجب فيها الاحتياط ، فهو أجنبي عما هو محل البحث ، لأن التكليف في مورد الرواية يكون معلوما بالإجمال ، فيلزم فيه الاحتياط ، ومحل كلامنا هو الشك في التكليف وعدم العلم به ولو إجمالا.

وان كان الثاني ، فهو وان كان محل الخلاف ، ومذهب بعض الأصوليين فيه هو الاشتغال ، نظرا إلى فرض الشك فيه في المكلّف به بعد إحراز أصل التكليف. إلا أنه على هذا التقدير تكون الرواية أجنبية عن محمل البحث ، لأن البحث انما هو في الشك في التكليف ، لا في المكلف به مع إحراز أصل التكليف.

وعلى الثاني : بان تكون إشارة إلى الابتلاء بالسؤال عما لا يعلم بحكمه ، فاما ان يراد بالاحتياط هو الفتوى بالاحتياط ، أو يراد به الاحتياط في الفتوى ، بان لا يفتى بشيء احتياطا. وعلى كلا التقديرين فالرواية غير نافعة لمحل البحث ، فان المفروض في مورد الرواية هو التمكن من استعلام حكم الواقعة فيما بعد ، وذلك بالسؤال والتعلّم. ولا مضايقة عن القول بوجوب الاحتياط ـ بكلا محتمليه ـ في مثل هذه الواقعة الشخصية ، حتى يتعلم حكم المسألة في المستقبل. وأين ذلك مما هو محل البحث ، حيث انه لا مجال للتعلم فيما بعد أيضا ، فان الفحص بالمقدار اللازم قد تحقق ولم ينته به ـ على الفرض ـ إلى نتيجة معلومة ، فهو فيما يأتي ـ كما هو عليه الآن ـ في شك وحيرة من الحكم (١).

قلت : أمّا على تقدير ان يكون : « هذا » إشارة إلى السؤال ، لا إلى نفس الواقعة ، فالظاهر هو دلالة الرواية على ان حكم المشتبه هي الاحتياط دون

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى فرائد الأصول ـ ٢١٠ ـ الطبعة الأولى.

۵۵۹۱