القبح الفاعلي لحرمة الفعل المتجري به بنفس الحرمة الثابتة للعنوان الواقعي. وأخرى عن استتباعه لحرمته بملاك آخر ، يختلف عن ملاك حرمة العنوان الواقعي.
اما البحث عن استتباع القبح الفاعلي لحرمة الفعل بنفس حرمة العنوان الواقعي ، فلا يقصد به إثبات شخص الحكم الثابت للعنوان الواقعي ، إثباته للعنوان المقطوع والفعل المتجري به ، فان هذا مما لا يتفوه به أحد لوضوح استحالته ، إذ بعد فرض كونه ثابتا للعنوان الواقعي ومتقوما به يمتنع ان يثبت لغيره ، فانه من انتقال العرض من معروضه إلى غيره وهو محال.
وبالجملة : ثبوت الحكم الثابت للواقع بالنسبة إلى العنوان المقطوع خلف محال. وانما المقصود به إثبات سنخ الحكم الثابت للعنوان الواقعي بالنسبة إلى العنوان المقطوع ، بمعنى ان الحكم الاستغراقي الثابت للخمر ـ مثلا ـ هل يشمل مقطوع الخمرية أو لا؟ فيكون البحث في عموم الحكم الثابت للعناوين الواقعية بالنسبة إلى مقطوع العنوان.
ومن الواضح ان مرجع هذا البحث في الحقيقة إلى الوجه الأول إذ مرجعه إلى البحث عن ان مقتضى الدليل ما هو ، إذ لا وجه لتعدي ذلك؟ فلا معنى لتشكيل بحث جديد ، بل يحال تحقيقه على ما تقدم من الكلام في الوجه الأول.
هذا تحقيق الكلام عن هذه الجهة من البحث.
والّذي ذكره المحقق النائيني في مقام تحقيقها : هو انه يستحيل استتباع القبح الفاعلي لحرمة العنوان المقطوع بالحرمة الأولية الثابتة للعنوان الواقعي ، لأن القبح الفاعلي متأخر رتبة عن الحرمة الواقعية ، إذ هو ثابت بلحاظ ثبوت الحرمة للعنوان الواقعي الثابتة بالقطع ، ويستحيل استتباع ما هو متأخر عن الحكم الواقعي له وهو واضح ، ونظيره ما يقال : من امتناع أخذ العلم بالحكم في موضوع ذلك الحكم لتأخر العلم بالحكم عنه ، فكيف يكون موضوعا له ومستتبعا