إرادة الماضي منه بالنسبة إلى زمان بعثة الرسول وقيام الحجة ، فلا عذاب قبلها ، فتكون الآية ظاهرة في بيان ما هو شأن الله تعالى وسنته في باب العذاب ، وأنه ليس من شأنه العذاب قبل قيام الحجة (١).
ولو استشكل في ظهور الآية في ذلك في حد نفسها ، فالقرينة على هذا الظهور ما يظهر من صدر الآية الكريمة الّذي نقلناه من بيان الطريقة العادلة لثبوت العقاب على الإنسان ، وعدم تخطي الموازين العقلائية في ذلك ، وانهما في مقام ما يقتضي العدل. هذا مع ان العذاب الدنيوي لا يرتبط بقيام الحجة ، إذ هو يعم الصالح والطالح والكبير والصغير والرضيع. فتكون الآية لبيان عدم استحقاق العبد للعقاب قبل قيام الحجة ، وانه ليس من شأن الله سبحانه ان يعذب قبل قيام الحجة.
وعليه ، فلا اختصاص لها بالعذاب الدنيوي ، ولا نظر لها إلى خصوص الأمم السابقة ، كما انها تتكفل نفي الاستحقاق لا نفي الفعلية فقط.
ولو كابرت في القول ولم تقتنع بما ذكرناه وقلت : ان « كنا » ظاهر في الزمان الماضي عن وقت التكلم ، فتتكفل الآية بيان حال الأمم السابقة بالنسبة إلى العذاب الدنيوي خاصة.
فلا يضر الاستدلال بها ، وذلك لأن الآية الشريفة على هذا تتكفل بيان ان العذاب الدنيوي منوط بقيام الحجة.
وهذا مما لا يمكن الالتزام به على إطلاقه ، لأن العذاب الدنيوي قد يشمل من هو مكتمل الإيمان ، ولذا نجد المؤمنين كثيري المحن والمصائب ، كما قد يشمل من لا يتصور في حقه قيام الحجة كالأطفال والرضع والمجانين. إذن فتعليق
__________________
(١) هذا الاستظهار للمحقق العراقي ( قده ) وان كان في ذهن السيد الأستاذ قبل مراجعة مطلب العراقي.
كما ذكر ذلك حفظه الله تعالى ( منه عفي عنه ).