قهرية نظير تأثير الأسباب التوليدية في مسبباتها كالنار في الإحراق. وانما هي بلحاظ ما يترتب على الموافقة والمخالفة من ثواب وعقاب ، وهذا الملاك بعينه ثابت في صورة الجهل البسيط واحتمال الأمر ، إذ يقطع بترتب الثواب عند الإتيان بالعمل ويحتمل العقاب ـ مع غض النّظر عن المعذر ـ ، وهذا يكفي في الداعوية نحو الفعل ، وعليه فلا يتوقف إمكان الداعوية على الوصول.
والنتيجة : ان ما ذكره المحقق الأصفهاني قدسسره غير مسلم.
وقد حاول بعض الاعلام الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي بوجه مؤلف مما أفاده صاحب الكفاية والمحقق الأصفهاني ببيان : ان التنافي بين الحكمين ان كان بلحاظ المبدأ وهو الإرادة والكراهة والمصلحة والمفسدة ، فلا تنافي لا بين الحكم الواقعي والظاهري لأن الحكم الظاهري ناشئ عن مصلحة في نفسه لا في متعلقه. وان كان بلحاظ المنتهى وهو مقام الامتثال فلا تنافي أيضا لأن الحكم الظاهري ثابت في صورة الجهل والحكم الواقعي لا داعوية له في هذا الفرض. وانتهى ملخصا (١).
أقول الحكم التكليفي بجميع مباني حقيقته من كون الإنشاء بداعي جعل الداعي أو جعل الفعل في العهدة أو غيرهما يتقوم بإمكان داعويته اما من جهة انه مقوم لحقيقته أو لازم لها ولا يتخلف عنها ، ففي المورد الّذي لا يمكن الانبعاث يلغو جعل الحكم. ولأجل ذلك اعترف القائل بامتناع جعل التكليف في صورة الجهل المركب على خلافه وصورة الغفلة لعدم تصور الداعوية فيه.
وقد صححه في صورة الجهل البسيط والتردد بإمكان الانبعاث احتياط. لكن يشكل : بأنه مع قيام الأمارة على خلاف الواقع وكان مفادها حكما إلزاميا ـ كما لو قامت الأمارة على الحرمة وكان الواقع الوجوب ـ يمتنع بقاء الواقع لعدم
__________________
(١) الواعظ الحسيني محمد سرور. مصباح الأصول ٢ ـ ١٠٩ ـ الطبعة الأولى.