انتهى ما أفاده الشيخ في هذا المقام (١).

ولكن الإنصاف ان هذه الشبهة أعني الأخيرة شبهة قوية متينة لا تتنافى مع العقل أصلا ، وانما المهم استفادتها من الاخبار المزبورة.

وتقريب ذلك : ان بيان الحكم قد يكون بإنشائه بما يدل عليه من الصيغ وقد يكون ببيان ترتب الثواب أو العقاب على متعلقه ، فيستفاد تحريم القتل من قوله تعالى : ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ ... (٢) كما يستفاد استحباب الصبر من قوله تعالى : ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ... (٣).

ومن هنا ادعي دلالة اخبار « من بلغ » على استحباب العمل الّذي ورد في استحبابه خبر ضعيف ، وان نوقشت دلالتها من جهة أخرى تذكر في محلها.

وكما ان إثبات الثواب على عمل ظاهر عرفا في تعلق الأمر به كذلك نفى الثواب عليه ظاهر عرفا في عدم مطلوبيته وعدم تعلق الأمر به إلاّ إذا قامت قرينة على ثبوت الأمر به كالالتزام بتوجه الأمر إلى المخالفين مع عدم ترتب الثواب على أعمالهم لفقدان الولاية ـ ما حققناه في الفقه ـ ، ولا مانع من نفى الثواب مع وجود الأمر بلحاظ صدور امر مكروه من العبد بكراهة شديدة تنفي استحقاقه العقاب لعبده عن المولى ، وترك الولاية من قبيل ذلك.

وعليه : فرواية زرارة المتقدمة ظاهرة في نفي الثواب عن كل عمل لم يكن بدلالة ولي الله تعالى ، ومقتضى ذلك عدم الأمر به مع عدم دلالة ولي الله تعالى ، فتكون ظاهرة في أخذ دلالة ولي الله في موضوع الأحكام ، ولا محذور فيه عقلا لما عرفت من صحة أخذ العلم بمرتبة الإنشاء في موضوع الفعلية.

يبقى سؤال : وهو ان التصدق بجميع المال من أظهر مصاديق الإحسان

__________________

(١) الأنصاري المحقق الشيخ مرتضى. فرائد الأصول ١١ ـ ١٢ ـ الطبعة الأولى.

(٢) سورة النساء الآية : ٩٣.

(٣) سورة البقرة ، الآية : ١٥٥.

۵۵۹۱