وقد ذكر ان هذا سبب أيضا لعدول صاحب الكفاية إلى تثنية الأقسام (١).
ولكن يندفع هذا الإيراد بما سيأتي إن شاء الله تعالى من بيان عدم امتناع ثبوت الحكم الفعلي الظاهري في مورد الظن بالحكم الفعلي الواقعي أو الشك به في مبحث الجمع بين الحكم الواقعي والظاهري (٢).
ثم ان هذا الإيراد لا يصلح سببا للعدول إلى تثنية الأقسام ، إذ بعد تعميم متعلق القطع إلى الحكم الواقعي والظاهري لا بد وان تكون الأقسام ثنائية حتى إذا لم يؤخذ الحكم بالمرتبة الفعلية ، ولو كان سببا للعدول للزم من عدمه تثليث الأقسام ، فالسبب للعدول إلى التثنية هو ما ذكره أولا من تعميم متعلق القطع للحكم الواقعي والظاهري.
هذا كله في ما يرتبط بعدد الأقسام وكيفية التقسيم.
وقد وقع البحث في أمر آخر في التقسيم ، وهو ان المراد من المكلف الّذي أخذ في موضوعه ، هل هو خصوص المجتهد أو ما يعم المجتهد والعامي.
وقد ذكر لتخصيصه بالمجتهد وجوه ثلاثة :
الأول : ان غير المجتهد لا يحصل لديه القطع والظن والشك لغفلته ، وحصولها يتفرع على الالتفات إلى الحكم بالبداهة.
الثاني : ان حجية الأمارات والأصول متوقفة على عدم المعارض والفحص عنه ، وهذا من شأن المجتهد لا المقلد ، إذ لا قدرة له على الفحص عن معارض الخبر ـ مثلا ـ والجزم بعدمه.
الثالث : ان موضوع حجية الأمارة أو الأصل لا يعم المقلد ابتداء ، لأن من جاءه النبأ أو الخبران المتعارضان أو من كان على يقين فشك هو المجتهد
__________________
(١) حاشية المشكيني في ذيل قول الماتن : « ولذلك عدلنا ... ». كفاية الأصول ١ ـ ٦ ـ الطبعة المحشاة بحاشية المشكيني.
(٢) راجع ٤ ـ ١٧٨ ـ ١٧٩ من هذا الجزء.