بينه وبين أبعد راوٍ يفرض من أولئك الرّواة.

وفيه : أن المقياس في نشوء احتمال الاستناد إلى الحس في مقابل الحدس والاجتهاد ليس هو طول الزمان وقصره فحسب ، وإنما تتحكم فيه أيضا ملابسات ذلك الفاصل الزمني وظروفه ، فقد يكون الفاصل قصيراً ولكنه قد مضى بنحو لا يوفر للباحث ما يحتاجه من المدارك الواضحة التي تستوجب حسية شهادته بالتوثيق أو الجرح ، وقد تطول الفاصل الزمني دون أن يضر بما تطلبه حسية الشهادة من مدارك ومستندات ، فمثلاً ترى أن التسلسل النسبي لأسرة علوية قد يكون محفوظاً عبر مئات السنين فيستطيع أي فرد منها أن ينسب نفسه إلى أبيه ثم إلى جده وجد جده وهكذا إلى أزمنة سحيقة من تاريخ آبائه وأجداده نتيجة الاهتمام الموجود تجاه هذا النسب المبارك ، بينما لا يتأتى ذلك في حق الأنساب الأخرى ولو لأزمنة قصيرة من تاريخ الآباء والأجداد.

وعلى هذا الأساس ، لو لاحظنا السنين التي تفصل بين الشيخ الطوسي ـ قده ـ وبين الرّواة الذين شهد بوثاقتهم والتي هي أقصر بكثير من الفاصل الزمني بين صاحب الوسائل ـ قده ـ والعلماء الذين يشهد بوثاقتهم ـ كأبي البركات مثلاً ـ نرى فارقاً كيفياً كبيراً بين الزمانين يميز الفاصل الزمني بين صاحب الوسائل وأبي البركات من ناحية إمكانية الحصول فيه على مدارك حسية للشهادة بوثاقته. وذلك الفارق الكيفي يتمثل في توفر الضبط في النقل وشدة الاهتمام بمدارك التوثيق والجرح والتعديل وشيوع كتب الرّجال والإجازات والإسناد التي هي منفذ اطلاع الباحث على معرفة أحوال الرّجال عادة وعدم توفر مثل هذه المدارك وإمكانات البحث والاطلاع في الفترة الزمنية بين الشيخ الطوسي وأصحاب الأئمة حتى أنه لم ينقل فهرست لأحد من الأصحاب في هذه الفترة غير البرقي ـ قده ـ.

ومما يعزز وثاقة أبي البركات أيضا ما جاء في كتاب رياض العلماء في

۴۲۷۱