الخصيصة الثانية ـ أنها قطعية الجهة حيث لا يحتمل فيها التقية ونحوها.
الخصيصة الثالثة ـ أنها قطعية الصدور.
وتشترك السنة النبوية القطعية مع الكتاب الكريم في اثنتين من هذه الخصائص وهما الثانية والثالثة ، كما تشترك السنة القطعية غير النبوية مع الكتاب في الأخيرة منها فيما إذا لم تكن قطعية الجهة كما هو الغالب. ولا بد وأن ينظر بحسب مناسبات الحكم والموضوع العرفية لهذا الحكم أن المستفاد من هذه الأخبار دخالة أي واحدة من هذه الخصوصيات في الحكم بطرح المخالف.
أما الخصيصة الأولى فلا يحتمل ـ بحسب المناسبات ـ دخلها في الحكم بالطرح ، فإنها تناسب مثل الحكم باحترام القرآن الكريم أو وجوب الإنصات لآياته أو تلاوته مثلاً لا الحكم بالحجية القائمة على أساس الكاشفية والطريقية. وأما الخصيصة الثانية والثالثة فاحتمال دخالتها معاً في المقام وإن كان معقولاً في نفسه ، ولكن لا يبعد دعوى أن المنسبق إلى الذهن العرفي من هذه الروايات الحكم بإلغاء ما يخالف الكتاب الكريم على أساس كونه قطعياً سنداً لأن قطعية السند هي الصفة البارزة والطابع العام الواضح لدى المتشرعة عن القرآن الكريم كدليل شرعي ، وأما مسألة التقية فلم تكن معروفة لدى الجميع ، خصوصاً في مثل عصر النبي ٦ الّذي أسندت إليه في جملة من هذه الروايات قاعدة طرح ما خالف الكتاب. فالصحيح تعميم الحكم بالطرح إلى المخالفة مع كل دليل قطعي السند.
التاسعة ـ قد أشرنا فيما سبق إلى أنه يمكن تفسير مفاد هذه الأخبار بنحو آخر لا يحتاج معه إلى جل الأبحاث المتقدمة ، وذلك التفسير هو : أنه لا يبعد أن يكون المراد من طرح ما خالف الكتاب الكريم ، أو ما ليس عليه شاهد منه ، طرح ما يخالف الروح العامة للقرآن الكريم ، وما لا تكون نظائره وأشباهه موجودة فيه. ويكون المعنى حينئذ أن الدليل الظني إذا لم يكن منسجماً مع