وثانياً ـ لو سلمت تماميته فهو يتوقف على أن تكون دلالة الدليل المنفصل بالوضع كي تكون صالحة لرفع الإطلاق ومقدمات الحكمة ، فلا يصح تطبيقه على المطلقين ، إذ لا يكون شيء منهما صالحاً لذلك إلاّ على معنى غير تام للبيان المأخوذ عدمه قيداً في مقدمات الحكمة ، على ما تقدمت الإشارة إليه في أبحاث التعارض غير المستقر. فالظهور في المطلقين معاً منعقد وعنوان المخالفة صادق على الخبر المعارض مع إطلاق الكتاب أيضا.
وإن أريد : ان الإطلاق دلالة سكوتية فلا يكون لفظاً وكلاماً ليكون قرآناً ، ففيه :
أولا ـ ان الإطلاق وإن كان يستفاد من السكوت وعدم ذكر القيد إلاّ أن عدم ذكر القيد متصلاً بالخطاب يجعل الكلام ظاهراً في الإطلاق بحيث يكون السكوت حيثية تعليلية لإطلاق الخطاب القرآني نفسه.
وثانياً ـ إن الإطلاق لو فرضناه سكوتاً مع ذلك كان كالدلالة اللفظية القرآنية من حيث كونه دلالة قطعية سنداً. والمفروض ـ على ما سوف يأتي الحديث عنه ـ أن الميزان المستفاد من هذه الروايات في طرح ما يخالف الكتاب كونه مخالفاً مع دليل قطعي السند وعلى أساسه عمم هذا الحكم إلى المخالفة مع السنّة القطعية.
وان أريد : أن الإطلاق ليس ظهوراً مستفاداً من الكتاب الكريم ، وإنما هو بحكم العقل فالمخالفة بين الخبر وبين حكم العقل لا الكتاب.
ففيه : أن الإطلاق ومقدمات الحكمة عبارة عن تحليل حال المتكلم في مقام كشف تمام مراده من كلامه باعتباره إنساناً عاقلاً ملتفتاً ولا يقصد بها براهين عقلية. ولذلك لم يكن يستشكل أهل العرف في استفادة الإطلاق كظهور عرفي لكلام المتكلم.
فالصحيح ، عدم الفرق في أنحاء المخالفة بين المخالفة مع عموم الكتاب