والتخصص ، مع أن الشيء الّذي حققناه في محله إنما هو مجرد التلازم بين الحجيتين فلا تخصص على كل حال.
المحاولة الثالثة ـ أن الحكم بسقوط المتعارضين إنما يكون فيما إذا كان مقتضي الحجية في كل منهما تاماً في نفسه وأما إذا كان مقتضي الحجية غير تام في أحدهما المعين كان الآخر حجة بالفعل ، وهذا واضح.
وبناءً عليه يقال : ان الدلالتين الإلزاميتين لا تصلحان لمعارضة المطابقيتين إذ لو كانتا صالحتين لذلك كان معناه توقف عدم الحجية الفعلية للدلالة المطابقية لدليل وجوب الظهر مثلاً على اقتضاء الحجية للدلالة الالتزامية لدليل وجوب الجمعة ـ بناء على التبعية ـ ونفس الشيء يقال في حق عدم حجية الدلالة المطابقية لدليل وجوب الجمعة. وهذا يعني أن عدم الحجية لكل من الدلالتين المطابقيتين يكون موقوفاً على حجية الآخر وهو مستحيل لاستلزامه مانعية كل منهما عن الآخر ، وإذا لم يمكن ثبوت اقتضاء الحجية للدلالتين الالتزاميتين معاً وكان ثبوته لإحداهما دون الأخرى ترجيحاً بلا مرجح ، فلا يثبت في شيء منهما ، وهو معنى عدم صلاحيتهما لمعارضة الدلالتين المطابقتين.
والجواب ـ ما ذكرناه في رد المحاولة السابقة من أن التبعية بين الدلالتين في الحجية لا يعنى الطولية والتوقف وإنما يراد بها مجرد التلازم وعدم الانفكاك ، على ما سوف يأتي الحديث عنه مفصلاً.
المحاولة الرابعة ـ إن الدلالتين الالتزاميتين ، وإن كان لا يعلم بسقوطهما على كل حال ، إلاّ أنهما يتساقطان بالإجمال والتعارض الداخليّ فيما بينهما ، فتبقى الدلالتان المطابقيتان بلا معارض. ومنشأ التعارض الداخليّ بين الدلالتين الالتزاميتين هو العلم الإجمالي بثبوت تكليف إلزامي منجز ، وذلك فيما إذا علم بصدق أحد المدلولين المطابقيين ، فإنه لا يمكن حينئذٍ حجية المدلولين الالتزاميين معاً حتى لو قيل بعدم التبعية لكونه ترخيصاً في المخالفة القطعية.
وهذه المحاولة بهذا المقدار من البيان أيضا لا تتم ، وذلك لوضوح أن