الغالب ، كما في الحكومة بلسان أعني فيما إذا حدد له الحاكم مفاداً مغايراً مع ما كان يفهم منه لولاه.
٥ ـ أن يثبت للدليل المغلوب مفاد مغاير مع مفاده الأول يعينه الدليل المغلوب نفسه ، وهذا إنما يكون فيما إذا كان الدليل المغلوب يتحمل أكثر من معنى واحد وإن كان ظاهراً في واحد منها وهو الّذي عارضه فيه الدليل الغالب. وحينئذ إذا افترضنا أن المعنى الآخر كان هو البديل الوحيد للمعنى الأولي الّذي رفع اليد عنه بالدليل الغالب لم نكن بحاجة في إثبات ذلك المعنى إلى افتراض عناية إضافية ، وأما إذا لم يكن ذلك المعنى هو البديل المنحصر بأن كانت هنا لك مجازات عديدة للفظ مثلاً ، فلا بد في تعيين أحدها بالخصوص من افتراض ظهور ثانوي للدليل المغلوب في إرادة ذلك المعنى على تقدير عدم إرادة معناه الحقيقي الأولي.
ويمكننا أن نطبق أكثر هذه الأنحاء من النتائج على المثال الفقهي المعروف ، وهو حمل دليل الأمر على الاستحباب بعد مجيء دليل الترخيص ، وذلك بحسب اختلاف المباني في وجه دلالة الأمر على الوجوب. فإنه على مسلك مدرسة المحقق النائيني ـ قده ـ القائل بأن الوجوب مستفاد بحكم العقل وليس مدلولاً لفظياً للأمر يندرج هذا المثال في النحو الثاني ، حيث لا يكون أي تناف بين مدلول دليل الترخيص مع الأمر بل يبقى دليل الأمر محتفظاً بتمام مدلوله ـ وهو الطلب ـ وإنما الّذي ارتفع موضوعه هو حكم العقل بالوجوب.
وبناء على المسلك القائل بأن الوجوب يستفاد من الأمر ببركة الإطلاق وجريان مقدمات الحكمة ، حيث أن إطلاق الطلب يقتضي الطلب المطلق الّذي هو الوجوب. يكون هذا المثال من النحو الثالث الّذي يتبقى فيه للدليل المغلوب جزء من مدلوله ، وهو أصل الطلب.
وبناء على المسلك المختار في باب الأمر من أن دلالته على الوجوب بالوضع