التعبد بالسند بشموله لسند القرينة يقتضي كون المفاد العرفي لذي القرينة سنخ مفاد لا أثر عملي له ، ومعه يخرج سند ذي القرينة موضوعاً عن دليل التعبد لأنه أخذ في موضوعه أن يكون للمفاد العرفي أثر عملي ، وهذا بخلاف العكس.
الرابع ـ أن يكون التعارض غير المستقر بين الدليلين ذاتياً قائماً على أساس التناقض أو التضاد ، وأما إذا كان التعارض بالعرض وعلى أساس العلم الإجمالي بمخالفة مدلول أحدهما للواقع فسوف يطبق عليه قواعد الجمع العرفي وتقديم أقوى الدليلين ، فإذا افترضنا مثلاً ورود أمرٍ بصلاة الظهر في يوم الجمعة الظاهر في وجوبها ، وورد دليل آخر صريح في وجوب الجمعة فيها وعلم من الخارج بعدم جعل فريضتين على المكلف في وقت واحد ، فلا يمكن جعل الدليل الصريح في وجوب الجمعة قرينة لحمل الأمر بالظهر على الاستحباب.
وقد استفيد هذا الشرط من كلمات المحقق النائيني ـ قده ـ وما يمكن أن يذكر وجهاً فنياً لتخريجه أحد أمور.
الوجه الأول ـ أن يكون ذلك قياساً على ما تقدم في الشرط الثاني المتقدم ، فكما لا يقدم الخاصّ على العام إذا علم إجمالاً بكذب أحدهما كذلك لا يقدم أقوى الدليلين على أضعفهما إذا كان يعلم إجمالاً بكذب مفاد أحدهما.
وهذا الوجه واضح الاندفاع ، إذ القياس المذكور في غير محله. لأن قوانين الجمع العرفي موضوعها الظهوران المتنافيان في كلام متكلم واحد فلا بد من إحراز صدور الكلامين عن متكلم واحد كي يمكن تطبيقها عليهما ، وفي موارد العلم الإجمالي بكذب أحد الراويين ـ السندين ـ لم يحرز بعد صدور الكلامين من متكلم واحد لكي نطبق قواعد الجمع العرفي. وهذا بخلاف المقام الّذي لا يعلم فيه بكذب أحد السندين وإنما علم بمخالفة مفاد إحدى الروايتين للواقع ، فبمقتضى حجية السند يحرز صدور الكلامين معاً من متكلم واحد فتجري عليهما قواعد الجمع العرفي.