الأظهرية وأقوائية دلالته من دلالة العام ، فينطبق عليه قانون تقديم الأظهر على الظاهر وتقديم أقوى الدلالتين على أضعفهما.
وهذه المحاولة فيها نقطتان من الضعف.
الأولى ـ أنها لا تتمكن من تفسير تقدم الخاصّ على العام في مورد أظهرية دلالة العام من دلالة الخاصّ ، كما لو قال ( لا يجب إكرام أي عالم ، وأكرم النحوي ) وبنينا على أن دلالة الأمر على الوجوب بالإطلاق ومقدمات الحكمة التي تكون أضعف من دلالة الأداة على العموم ، فلا بد وأن يحمل الأمر في الخاصّ على الاستحباب حينئذ ، لأقوائية دلالة العام اللفظية على إطلاق صيغة الأمر الحكمي. فلما ذا يحمل العام على مَن عدا النحويين ويخصص الأقوى بالأضعف والأظهر بالظاهر؟
الثانية ـ إن هذا التفسير لو تم فإنما يعالج المشكلة الأولى في السؤالين المتقدمين. وأما المشكلة الثانية المرتبطة بالسؤال عن وجه بقاء العام حجة في تمام الباقي فلا تعالج بهذا التفسير. ولذلك التجأ أصحاب هذه المحاولة في علاج هذه المشكلة إلى بيان آخر ، وهو دعوى : التبعيض في الدلالات من حيث الحجية. حيث أن العام كان يدل على إرادة تمام أفراده فكل فرد منها كان مراداً ضمناً وعند ما تسقط إرادة بعض الأفراد بالتخصيص لا موجب لسقوط الباقي بل يبقى العام حجة في دلالاتها التضمنية الأخرى.
وقد نسب هذا البيان إلى الشيخ الأعظم ـ قده ـ مع حمل كلامه على إرادة مرحلة الدلالة الاستعمالية التي تكون على وزان المدلول التصوري للكلام. ومن ثم أشكلوا عليه : بأن الدلالة الاستعمالية هي الدلالة على إرادة إخطار المعنى الموضوع له اللفظ في ذهن السامع ، فإذا لم يرد العموم فقد استعمل اللفظ في غير ما وضع له رأساً. ومن هنا طبق المحقق الخراسانيّ ـ قده ـ والسيد الأستاذ ـ دام ظله ـ هذا البيان على مرحلة الدلالة التصديقية الثانية