التقييد بالمنفصل في موارد الشك في التقييد ، من دون أن يبتلي المطلق بالإجمال. وهي : أن عدم بيان المقيد الّذي هو جزء من مقدمات الحكمة إنما هو عدم مطلق التقييد سواء كان متصلاً أو منفصلاً ، ولكن لا بأن يكون عدم القرينة المنفصلة المتأخرة شرطاً في انعقاد الإطلاق المتقدم حتى يبتلي المطلق بمحذور الإجمال وعدم إمكان إحراز الإطلاق فيه ، بل بأن يكون الظهور الإطلاقي في كل زمان موقوفاً على عدم بيان القيد إلى ذلك الزمان فعند ما يرد الخطاب المطلق ولا قرينة على التقييد انعقد بذلك ظهور يكشف بالفعل عن الإطلاقي ويبقى هذا الظهور مستمراً ما دام لم يجئ القرينة على التقييد ، فإذا جاءت القرينة ارتفع هذا الظهور لمجيء البيان الكاشف عن أن المراد الجدي كان هو المقيد من أول الأمر (١)
وبهذا التقريب يتفادى محذور الإجمال عند احتمال القرينة المنفصلة فيمكن إحراز الإطلاق ، لأن الظهور الإطلاقي فعلي مع قطع النّظر عن القرينة المحتملة فيكون مكذباً لاحتمال وجود القرينة وكاشفاً عن عدمها.
وقد فرع ـ دام ظله ـ على تصويره للدلالة الإطلاقية بالنحو المذكور نتائج عديدة ، أهمها تقديم العموم على الإطلاق في مقام التعارض باعتبار كون العام بياناً صالحاً لرفع الدلالة الإطلاقية المتوقفة على عدم البيان.
هذا ، والصحيح : عدم تمامية التوجيه المذكور أيضا ، فإنه إذا كان المقصود من ارتفاع الظهور ، وكشف القرينة المنفصلة عن إرادة المقيّد من أول الأمر ، ارتفاع حجيته لا أصل ظهوره وكاشفيته ، فهذا يعني تمامية الدلالة الإطلاقية وعدم توقفها إلاّ على عدم التقييد المتصل فتكون الدلالة الإطلاقية الحكمية كالدلالة الأداتية الوضعيّة من حيث انعقادهما بمجرد انتهاء الكلام وعدم اتصال القرينة على الخلاف ، ولكن هذا عكس المقصود تماماً ولا يكون
__________________
(١) مصباح الأصول ، ص ٣٧٧.