الدليل المحكوم إثباتاً أو نفياً ، فليس ما هو محط النفي في أحد الدليلين محط الإثبات في الدليل الآخر كي يتحقق التعارض بينهما.

وهذا البيان واضح البطلان ، ذلك أن القضية الشرطية وإن لم تكن متكلفة لإثبات الشرط أو نفيه ولكنها دالة على فعلية الجزاء عند تحقق الشرط ، بمعنى أنها بضميمة الدليل المثبت لفعلية الشرط ـ ولو كان هو العلم بتحققه ـ تدل على فعلية الجزاء والدليل الحاكم ينفي فعليته بنفي فعلية شرطه ، فإن كان الشرط المأخوذ في الشرطية ـ وهو الرّبا في المثال ـ ما كان ربا بنظر الشارع واعتباره ، إذن كان الدليل الدال على عدم اعتبار الزيادة بين الوالد والولد رباً وارداً عليه لا حاكماً لأنه يرفع موضوعه حقيقة لا تعبداً ، وإن كان الشرط ما هو رباً حقيقة فالتعارض بين مدلولي الدليلين ثابت لا محالة.

على أن هذا البيان قاصر عن إثبات وجه التقديم في جميع حالات الحكومة وأقسامها ، لأن منها ما لا يكون بلسان نفي الموضوع على ما يأتي تفصيله.

البيان الثاني ـ إن الدليل الحاكم يتعرض إلى شيء زائد لا يتعرض إليه الدليل المحكوم ، فالحاكم مثلاً يتعرض إلى أن الربابين الوالد وولده ليس رباً إضافة على تعرضه لعدم الحرمة. لكن المحكوم يتعرض لحرمة الرّبا فقط ولا يتعرض لكون ذلك رباً أو لا ، فيتقدم الأول على الثاني.

وهذا البيان أيضا لا يرجع إلى محصل ، فإن مجرد فرض تعرض الحاكم إلى شيء زائد لا يتعرض إليه المحكوم لا يكون سبباً للتقدم. نعم ، هذا يستلزم النّظر إلى المحكوم فيتقدم عليه بملاك القرينية الشخصية ولذا يتقدم عليه حينما يوجد النّظر وحده ولا يوجد تعرض لشيء زائد كما في بعض أقسام الحكومة من قبيل حكومة إطلاق دليل نفي الضرر والحرج على إطلاقات أدلة الأحكام الأولية.

إن قلت : قد يكون المقصود من هذا البيان تطبيق نكتة أخرى لتخريج الحكومة وهي نكتة تقديم أقوى الظهورين على أضعفهما ،

۴۲۷۱